كنت أتخيل أن العيون يمكن أن تبقى بحجم الكون، فتحتوي أكثر من الصور المختزنة على مساحة الحياة، لأنها في النهاية وسائل انطلاق العشق أو الخوف أو حتى الرغبة في تقبيل الوجوه كي ترتسم على الأجساد ألوان مختلفة لمشاعر البشر، وكنت أتخيل أيضا أن البريق لا يمكنه أن يخفت حتى في لحظات الخطر أو الإحساس بإمكانية الانتهاء، لكنني على ما يبدو أقيس الأمور بمحيط ضيق، أو أفكر بأن العيون هي نفسها حتى ولو اختلف البشر....

هناك لحظات حادة تجرحنا بمرورها، فندرك نوعية الحسابات التي جعلتنا في مقلب آخر، وفي هذه اللحظات فإننا نراجع مشاعرنا أكثر من الغوص في طريقة تفكيرنا، لأن هذه المشاعر هي التي جعلتنا نعشق الجميع دون استثناء ونفكر بعدها بأننا قادرون على إبقاء حد أدنى من التواصل مع الآخر، وفي مساحات أخرى ندرك أيضا أن الشفافية التي يمكن أن يكتبها الخطر على الوجوه سرعان ما تتبدد، لتنتقل باتجاه آخر، ونحو الوجوه المثلثة أو المكتوبة بمشاعر زائفة.

والمسألة لا تبدو تكوين شخصي، لكنني أيضا أحاول أن أعيد صياغة اللون الذي يمكن أن يستمر على مساحة الحياة فيغلفنا بأشكال من العلاقات، تتكسر سريعا لسبب بسيط، فاللون أو البريق الخاص سرعان ما ينهار أمام "التنافس" أو "استحقاقات" تبقى مكبوتة أو مخبئة خلف الشخصيات التي أخطأت طريقها، فاكتشفت بعد فوات الأوان أن عليها تجاوز الجميع، أو رسم طواحين بطولات وتضحيات، وربما أكتشف أن الحياة لا تتسع إلا لهدف شخصي.

ليس في الحياة احتمالات سوى لرسم الجمال، أما الرغبات المسفوحة في تفاصيل الحياة فإنها تبقى الأساس الذي يستطيع أن يلغي احتمالات الجمال، أو يكون لنفسه أسطورة مختلفة عن "مشاريع" ورقية تحترق في لحظة المواجهة، أو تصبح مثل الخرافات التي ترويها الجدات، فلحظات الخوف وربما الخطر أو حتى العشق لا يمكنها على ما يبدو أن تعيد كتابة البشرية خارج الشطحات التي ابتدعها البعض ثم أصبحت تقليدا علينا أن نمارسه أو نبقى على هامش البشرية.

في الحسابات الجديدة هناك مراهقة تظهر ثم تنتهي داخل زاوية ضيقة، وفورة جرأة يمكن أن تعيد تكوين البشرية، وفي لحظات تخبو وكأنها تحرق نفسها دون أن تعيد رسم الأشياء من جديد، وأخيرا هناك لون نكتشفه ونعتقد أنه يمكن أن يكون خارج الطيف المألوف لكننا وبعد قسوة التجربة نعرف أن ما حدث هو مجرد خداع بصري......