تائه أو ربما غارق في المساحة التي تكبر دون أن يظهر أفق لها، فاللون لا يتكرر وربما الأسماء تبدو وكأنها عاصفة من الحروف الغريبة، ففضاء العشق الرقمي ربما يكتسح "الحب العذري"، أو يكسر ملامح "رومانسية" بداية الحداثة، أو لا معقولية ما بعدها، فعندما يبدأ قطار المدونات بالسير سيتحول إلى خيالات تتشكل فوق العين وكأنها الزمن الذي نحلم به...
"العاشقة الرقمية" تملك اسمها وتكسر معادلة أبوية في خضوعنا لسلطة تحدد أول خطوة في هويتنا... فهي عاشقة تعيد كتابة اسمها على شاكلة الحالة العاطفية التي تمر بها، ثم تدخل غرف "الدردشة" لتبوح عن عاطفتها أحيانا، وأحيانا أخرى تبدد الوقت على المساحة الافتراضية لكنها تشكل تراثا خاصا بـ"المراهقين الجدد
حتى "الشرط" الجنسي لم يعد موجودا في المساحة الرقمية، فهناك ولع ربما يقود لنشوة، وهوى يسيرها بعيدا عن المعرفة الذاتية التي تجعلها ضحية جريمة شرف، أو ملاحقة من العيون القادرة على اختراق ملابس النساء، فكيف ستعشق في زمن "الأحرف" الغريبة!! والمشاعر المتكوبة من خلف النوافذ التي تفتح وتغلق على عدد الثواني تاركة أسطرا ورائها أو صورا مختلفة تعبر عن حالة لم يعرفها العشاق من قبل؟!!
هي ليست نبوءة لأن "العشق الرقمي" يداعب الخيال أكثر من أي رؤية حقيقية تحمل نتائج مباشرة... وهو ساحة لعب حقيقية يمكن للجميع الدخول إليها والبحث فيها وكأنها ألوان يخلطها الأطفال ويتلهون بجعلها خطوطا متقاطعة وأشكالا فوضوية لكنها بالنسبة للأطفال مشاعر لا تخضع لنظام الكبار... وفي العشق الرقمي لا يوجد "كبار"... لا يوجد سوى إحساس نحوله إلى "صيغ رقمية"... أو عبث نجعله يطوف على مساحة العالم.
البعض يسخر من "حالة" التدوين اليومي، لكنه "التراث" الجديد... صورة العالم كما تراها أجيال نختلف معها أو نتفق، وعشق مرسوم رغم كل الثقافات على ألوان مشفرة أو عبر ترميز يخترق كل الحواجز ويصعب فكه إلا لمن سكن الساحة الافتراضية.
هناك من يسهرون لتحسين الشرط الرقمي... وآخرون يسهرون أيضا لجعل المدونة العربية نسخة طبق الأصل عن "المخطوطات" الباقية من القرن الرابع، وبين الاثنين هناك عشاق يكتبون قصصا جديدة، ومبدعون يضعون لمسات غريبة على المساحة التي تبدد العالم القديم وترسم "عوالم"... "عوالم" لا يتخيلها أحد وهي ليست تعويضا عن "عوالم" مفقودة، بل ثقافة تسكننا أو نسكن بها، ونشكل بها هوية عصية على المنطق القديم...