مصيرنا أن تبقى السياسة معلقة على رقابنا، فهي ليست أحداث بل جملة تداعيات أيضا، وهي لا تربط بتحركات الدبلوماسيين والرسميين وبعدد الاتفاقيات التي وقت، أو حتى بالتخلص من أزمات والدخول بأخرى، إنما بمظاهر ترتسم على وجوه الناس عندما يتعرفون من جديد على صورة الحياة العامة.

عمليا أثبت عام 2010 على احتمال الجفاف والحرارة المرتفع، وأن "البيئة" التي نسحقها يوميا تصفعنا في أسهر الصيف، وربما لأول مرة تبدو صورة الأرض ككائن حي يغضب ويزمجر فيقطع مطارات العالم، لكن هذه الصورة التي حذر منها علماء العالم على امتداد عقود طويلة أصبحت أرقا ورسمت العام الحالي بأرقام قياسية في "الحرارة".

لنتذكر أن هذا العام سجل أعلى درجة لحرارة الأرض، وأمام هذه الحقيقة هل يصبح أي معنى للحركة السياسية؟! لكن الجيوش وأجهزة الاستخبارات وحتى نظام الدرع الصاروخي وتوقيع اتفاقية ستارت 3 تتحمل الجزء الأكبر من أجل الأرض مكانا "غير آمن"، ولنعود قليلا إلى مقولة "جورج بوش الابن عندما خاض الحروب ليجعل العالم أكثر أمنا، فهو بالتأكيد كان مسلحا بكل التقارير والمعلومات عن الوضع البيئي، لكن إمكانية التوقف أو الاستراحة تبدو غير ممكنة، فتشريد العراقيين في أصقاع العالم، والتلاعب بالتوازن الثقافي في العالم ربما ليسا مسؤولين عن التدهور البيئي، لكنهما أولويات تتفوق على كل مظاهر الحياة فوق الكوك الأزرق.

كما أثبت عام 2010 أن رحابة الكون يمكن مجابهتها بمجموعة من "الفتاوى"، فمقابل اكتشاف كوكب يشبه الأرص ورصد انفجار شمس والتعامل مع البقع الشمسية مع توقع عصر جليدي مصغر، هناك سيل من الفتاوي التي تبيح غناء المرأة، وهي فتوى أصدرها القرضاوي فنسي الجميع أن هناك آلاف من الأصوات التي تزعق يوميا ولا تبالي بما يقوله الفقهاء، وأن هناك عالما يمكن أن يشدنا إليه بدلا من انتظار اكتساب الشرعية من جهة حتى ننطلق باتجاه تفكير مختلف.

ربما ليس جديدا أن يلطمنا البعض بالفتاوي إلا أن ما يجعل 2010 مميزا هو إحصائيات تتحدث عن أن البحث عن المواضيع الإسلامية يقع في رأس قائمة البحث على محركات غوغل، وهو أمر بالتأكيد لا يثير استغرابا بل ذعرا من نوعية الظواهر التي تحيط بالمجتمعات، وفكرة البحث عن مواضيع إسلامية لا تعد بذاتها مؤشرا خطرا، لأن العالم بأجمله يدخل أحيانا في أطوار من هذا القيل، لكن المسألة تتعلق بأن الإنترنت تجاوز ما هو متوقع منه ليصبح ظاهرة تغير الثقافات، بينما يحولنا إلى محترفو نبش لما يقوله الآخرون عن التراث.

يمكن أن نسجل أيضا أننا مازلنا نرى العام أياما تمضي.... لكنه في النهاية قفزات ترسم الدهشة، وعندما يظهر هذا الأمر على وجوهنا فإننا نكون بالفعل ودعنا عاما ونستقبل عام جديد.