الكاتب : نضال الخضري

حتى ولو كانت الشعارات سياسية فإن نوعا من الصدى كان يتردد في طبيعة الحياة التي تخرج بحيوية في الفضائيات، لكن الصورة الأخرى ربما جاءت في وقت متأخر عبر انعدام اللون في الوجه الرسمي، فطوال الأيام الماضية كانت مسألة مصر التاريخ والعشق ورمزية النيل تتسلل باتجاه الشرايين، وكان الشعور "بفقدان الوزن" يجعل اللون ممكنا وسط طيف من الألوان يختلط.

للشعب المصري خياراته التي تعود بسرعة باتجاه القلب، وله أيضا لهجته التي ترسم الابتسامة وتحمل معها سيلا من الذكريات، وربما كان بالإمكان أن يبقى دفق الحياة يستمر نحو بسمة الوجه التي نستقبل فيها "كسر التوقعات" واللعب ما بين ألسنة اللهب والقدرة على الرقص وسط الفوضى، فهي في النهاية مصر التي لا يمكن أن نستوعبها طالما أنها موجودة في الزمن الذي نبقى ندرسه فيثير الدهشة والإعجاب، فما الذي حدث آخر الليل وكأن ما يجري دراما طويلة اعتقد البعض أن استيعابها يمكن أن يكون عبر حالة "الشمع" وربما نسيان "الدم الحار" الذي مازال يلطم كل من لم تلفحه الحياة بعد.

"مصر يا بهية"... لأنك الصورة التي نحتفظ فيها كي نطمئن بأن هناك من يرانا كما نراه، وأنه يستطيع رغم وجود "السفارة الإسرائيلية" قادر على اختصار الزمن بعبارة أو صرخة أو بيت شعر يقوله أحمد فؤاد نجم، فمصر "البهية" تفتح شهية العشق لوطن ينسينا المساحة الرمادية الموجودة منذ أواسط السبعينيات وحتى اليوم، ويجعلنا نعرف أن "حرارة الحياة قادرة على دفعنا نحو أفق آخر فقدناه لحظة هبوط أول طائرة مصرية في فلسطين المحتلة.

لحظات تربكنا رغم الفرح... وساعات طويلة تبدأ وتنتهي ثم تبدأ من جديد، ولكننا في النهاية نحاول استيعاب نوعية التحول بعيدا عن ما يمكن أن يقوله البعض سواء في مجال الإصلاح أو السياسة لأن المسألة روح مصرية تعشق ما حولها، وعيد لـ"شم النسيم" ينطلق في شتاء اتسم بالقحط عموما، فمصر من جديد "تملك خياراتها" خارج الحسابات التي تطل علينا مثل "نعوة" عبر العواصم العالمية.

في مصر تهرب الكلمات نحو عمق الحالة التي يمكن أن تفرضها صورة البريق الذي يريد البعض أن يجعلها ومضة فقط، لكننا نعيد قراءة القاهرة والإسكندرية والسويس ونرسمها صورا لنوال السعداوي ونصر حامد أبو زيد وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم..... فوجوه الحياة لم تغب رغم رحيلها بينما بعض الوجوه الحاضرة غير قادرة على إعادة رسم "الصورة الذهنية" التي نحتفظ بها لتغذي عنفوان العشق الذي نملكه منذ نصف قرن.

ربما لا نملك الكثير من الكلمات لأن اللحظات تخلق كلماتها المختلفة والتي تعبر عن دفق الحياة داخل زمن مرهق.