الكاتب : نضال الخضري
هو الأمل الذي أبكى "حسن نافعة" خلال حديثه مع قناة الجزيرة عندما كان يعبر من "ماضي" يتم فيه الحديث عن الفتنة إلى يوم يصبح فيه الدين جامعا، فلا فرق إذا ظهرت صلاة الغائب أو قداس الأحد أو عرس مليوني سيدخل تاريخ العالم لأن الزواج الذي سيحدث اليوم ينقل الجاني الإنساني ليس في مصر وحدها بل في الميزة الحضارية التي تختزنها المنطقة.
هو عبور الأمل نحو المستقبل، فلا اهمية لأي مطلب سياسي مادام المجتمع قادر على إخراج أجمل ما فيه وأثر نواحي الإبداع والحب في لحظة يظهر فيه الكون وكأنه اختصار لحياة تسرقنا وتضعنا على حفة الجنة...
أمل على أعتاب الجنة.. أمل من أرض الكنانة... وصورة أراد البعض أن يكسروها، فلا خوف على مسيحي الشرق فهم ضمن ملايين يقفون اليوم على عمق الحضارة التي يحملها الجميع، ولا تسامح بعد اليوم لأنه لا يوجد "فوقية" داخل مجتمعاتنا، بل هناك حب وعشق ينتقل بين الجميع، وفي التاريخ صفحة مكتوبة ولكن اليوم هناك حروف جديدة سيضعها قداس جديد وصلاة ستنتقل في سماء "المحبة" المرسومة اليوم في صفحة الشرق الأوسط.
ماذا جرى لتحليلات التقسيم المذهبي التي اجتاحت المنطقة منذ احتلال العراق؟ وما الذي حدث لتقسيم السياسة على قياس التنوع الثقافي؟ نحن اليوم أمام صورة علينا الاحتفاظ بها لأنها ستلغي الرهان الذي ينبش في المساحات الافتراضية للحروب الداخلية، فعندما نحمل الأمل نستطيع تكوين مستقبل تنتهي فيه المحاصصة الطائفية في العراق ولبنان وتبدو صورة الحضارات المتسلسلة وكأنها مجموعة من العشاق القادرين على الغناء والإبداع والخلق وتقديم فضاء لكل الحالمين بأمل يطوقهم.
قداس للتاريخ، وصلاة تحمل من ضحوا إلى صفحة جديدة، لأنها مسيرة حياة نضيفها إلى الآخرين الذين فقدناهم في جنوب لبنان وفي غزة والضفة وعلى هضبة الجولان وحتى في شوارع بغداد والبصرة... نذكرهم لأنهم وجوه فقدناها فتجدد الأمل وظهر لنا ملامح لا يمكن أن تذهب إلى غير عودة، فمهما حصل هناك إيقاع مختلف لا يكتبه القداس فقط ولا ميدان التحرير بل حتى ساحات فلسطين عندما رسمت شكلا للثورة لم يكن مألوفا للعالم الذي يعيد بعيدا عن الشرق الأوسط.
لأول مرة يصبح الشرق الأوسط مولد أمل بدلا من الأزمات، ولأول مرة أتمسك بهذا الشرق الذي يقدم لنا حضارة مختلفة... صورا لا يمكن أن تتكرر لأن الزمن الذي نعيشه هو حقيقة سنعيش معها كمجتمع يرى اليوم مصر فيعرف أنه ليس وليد التاريخ بل أيضا ثروة المستقبل.
قداس للتاريخ... يلغي افتراض الآخرين بأن تنوعنا نقمة... فهو ثروة نتمسك بها.