الكاتب : نضال الخضري

كيف تعود المراهقة.. بجنونها وصخبها، فيلفني العالم دون أن أدري، وأركب أمواجا من "الهتافات" التي غابت في زمني، لكن "الشباب" حاضر في كل لحظة، ويغير من الوجوه الكئيبة، فيعيد رسم مصر من جديد في ذاكرتي، ويجعلني أعرف أن الزمن لا يمكن أن يتوقف لحظة لكنه أيضا يسرقني معه نحو الخط الذي يضم الأفق والأمل.

هل يكفي أن نترك الشكر على ساحاتكم؟! وهل يمكن أن نطلق ما في داخلنا من عشق تجاهكم؟ هي أسئلة الفرح التي تقودني لسباحة في عالم يضج بالحيوية ويحمل معه التناقض أحيانا والإثارة والجنون والمجازفة، وهل خلق العالم إلا بالمجازفة؟ أم هل وجدت الثقافة دون الجرأة؟

أتعلم منكم أن الحياة تبقى طيفا لونيا مبهرا لا يمكن أن يصبح اعتيادا، وأعرف أننا سنشهد ثقافة مختلفة ووجوها جديدة وقدرة مختلفة على التواصل، وأدرك في ساعة البحث عن مساحة للعقل أن ما حدث منذ عشر سنوات وحتى اللحظة قفز بكم باتجاه يصعب علينا تحليله بلحظات لكنه سيقدم ثراء سنتلمسه مستقبلا.

في ساحات مصر تحول اجتماعي بامتياز، يبدع فيه الشباب صورا مختلفة، ويقدمون حالات فريدة لا تتكرر كثيرا في تاريخ البشرية، فما يهمني بعيد عن نوعية المطالب التي يريدونها، فهم أحرار في اختيارهم، وما يشدني هو نوعية التحول الذي فتح أمامهم حالة نادرة وجعلني أدخل في بحر ثقافي مختلف سيحمل معه غناه الذي افتقدناه لسنوات، فنحن أمام أجيال ستعود يوما ما إلى بيوتها وتعيد رسم الحياة وفق التجربة التي خاضتها.

ما قدموه "ارتجاج للزمن" حيث لا يمكن إدراك اللحظات بل مطاردتها لاقتناص شكل فريد في الحياة، وما يحملونه معهم ليس لافتات بل انطلاق "الذات" القادرة على فتح احتمالات المستقبل دون خوف أو تردد... وهل في المراهقة تردد؟ هي زمن يعبر بنا ثم نندم لأننا أضعنا بعض لحظاته، ومن يقفون في ساحات المدن المصرية يحملون لنا تلك اللحظات لنعيشها من جديد.

أصبحت الأصوات أليفة... والوجوه نوعا من النسيم الذي يلاطف الأجساد، وأصبحت مصر من جديد أم الدنيا... ولا يهمني أي قلق آخر قادم من "إسرائيل" أو الولايات المتحدة أو منطقة أخرى لا تحمل دفق الشباب.