الكاتب : نضال الخضري

هي تجربة تستحق أن نعيشها، فأن يصبح التدوين جزء من الحملة بشأن "حق المرأة" هو انتقال في الاهتمام، فتلك الحقوق بقيت طوال السنوات الماضية تعيش في بيئة خاصة، وهي موجودة ضمن دوائر النخب الذين يعبرون عن هذه الحقوق، وعندما نضعها في دائرة التدوين فإننا ننقلها إلى حالة تعبير متنوع، وهو أيضا تجربة لكل المدونين كي يخلقوا جدلا يحمل الطيف الواسع لهذا الموضوع وربما يمنحونه حيوية كي يصبح ضمن السياق العام لوسائل الاتصال المعاصر.

كيف سنراهن على التدوين؟ وهل التدوين سنقل القضية لآفاق جديدة؟ أنا مقتنعة بأن كلمة "التدوين" بذاتها تحمل "سحر" الثقافة المتحولة والمتطورة، فإذا كانا سندخل هذه التجربة فإن علينا قبل البدء تحرير أنفسنا من الكلمات القديمة، وأن ننظر إلى الموضوع من الزاوية التي تفتحها الساحة الافتراضية، فنحن بدخولنا عالم التدوين وتكريس حق المرأة عبر ما نضعه على الساحة الافتراضية فإننا سنكون ثقافة مختلفة، لأنها تشكل خطا موازيا لكل الجهود السابقة، وهي تنطلق من حرية غير مسبوقة لأن من سيمارسها ربما لا يملك خبرة الكتاب والحقوقيين والمهتمين بالشأن العام.

النظرة اليوم عبر التدوين لحقوق المرأة السورية يمكنها أن تشكل انعطافا حقيقيا يبدأ من واقعية هذه الحقوق، فهل علينا أن نروى قصصا تتكرر، أم تجربة ذاتية؟ وهل نحن على وشك دخول مساحة رواية طويلة لتاريخ "الحق" الذي يوضع اعتباطيا داخل مساحة الإناث؟ الأمور في التدوين متشابكة، لكن ربما علينا رصد تلك المدونات التي سيضعها الإناث كي نفهم تفاعل هذا الموضوع داخل ذواتهم، فإذا كان التدوين تجربة ذاتية فإن سينقل لنا رؤية غير مسبوقة لكل المواضيع الحقوقية التي يمر عليها الآخرون دون اكتراث، أو يشعرون أنها لا تملك تلك البعد الذي يحمل معه التغير بشأن الحقوق.

بقدر حماسي لهذا التدوين، فأنا أيضا أنظر بشغف للحظات الكتابة والقراءة لما سيدون، لأنه سيحملني من جديد إلى قراءة لم اعتد عليها، لأنها في النهاية لا تحمل معها حالوة الاستعراض المألوف في الكتابات الأنثوية، مع تقديري لكل من كتب سابقا، لكن النظرة الاجتماعية تحمل معها تلك الحالة التي تهوى التصنيف، فتضع الكتابات النسوية ضمن إطار خاص.

سنعيش حالة الاختلاط الحقيقية، لأننا سنسمع الأصوات الذكورية دون حواجز، وسنشعر بوجود الرجال داخل حقوق المرأة دون ضرورة لأن نفكر بشؤون إضافية متعلقة بكم التقاليد التي تظهر دائما كلما حاولنا التطرق إلى شؤون المرأة.

أخر الصور في التدوين هي كسر الوهم بأن المرأة نالت حقوقها، وأن ثورتها وصلت إلى ظاهرة الاستقرار، فنحن اليوم أمام موجة جديدة لمسألة حقوق المرأة تقتحم عالمنا من خارج الإطار الكلاسيكي، فهي تبدأ من التدوين ونأمل أن تشكل ظاهرة خاصة داخل حرية الإناث وحمايتهم بقوانين ضرورية كي تصبح الحياة مجالا يستحق أن نعيشه.