الكاتب : نضال الخضري

كل الأمور مترابطة، ولا يمكننا خلق فصل ما بين ليبيا والجامعة العربية وأدق التفاصيل التي تحاصر حياتنا اليومية، فسمة "الثقافة" في شرق المتوسط هي هذا التركيب الرأسي الذي يجعلنا متماسكين داخل بيئة تنهار، ويجعل العنوان العريض سواء كان قضية سياسية أو ذكرا متسلطا أو قانونا مجحفا يحكمنا، ويرسم أقدارنا على امتداد اللحظات التي نعبرها.

بالأمس ظهرت بوادر لا يمكنها إلا أن ترسم حنقا، ليس لأنها إجراءات يرضى البعض عنها ويعارضها آخرون، إنما بسبب نوعية حساسيتنا لما يجري، وربما كنت في لحظة أملك أحلاما تتجاوز الواقع عندما تخيلت مجلس الجامعة العربية ينهار فوق الزمن القديم، ثم يشكل قراراته وفق شكل الإبداع الذي تفجر من تونس وانتشر في الجهات الأربع، لكن الأمور المترابطة أعادت رسم الأحداث وتعرفنا على "عجز" الزمن القديم، وكيف أنه لا يستطيع تدبر "حدثه" الخاص، فالمسألة أراها خارج منطقة "الحظر الجوي" أو استشهاد مصور الجزيرة عن سابق تصميم من القتلة، فالمشهد البانورامي ينقلني من زاوية لأخري واقتنع أننا لم نقدم يوما مؤسسة على شاكلة الجرأة التي رسمها الشباب أمامنا.

كانت الثانية التي سبقت "تجاوز الزمن القديم" لا توحي أن بمقدور أحد خرق القواعد القديمة، وإثارة زوبعة دولية تعيد الحسابات، ففي مصر كان التاريخ حاضرا حتى استطاع البعض أن يبدلوا شكل التفكير... ليس مهما بعد ذلك هل حدثت ثورة أم لا!! الشيء الأساسي أننا خرجنا في تلك اللحظة من التاريخ وأصبحنا في حاضر يمكن ان نفكر فيه ونفككه على طريقتنا، وعندما تنعقد جلسات الجامعة العربية أرك كم هو المشوار طويل حتى نكون مؤسسة سياسية تحاكي سرعة التفكير في "الزمن الافتراضي".

الثورات لم تعد مهمة... ما حدث منها كان كافيا والباقي هو طريقة تناولنا للأمور، وما قدمته في الشهرين الماضي أكمل دائرته الخاصة وتبقى المهمة القادمة هي القدرة على "تحسس" هذا الزمن والولوج إليه بثقافة مختلفة فهل سننجح؟!

التجربة الليبية تقدم مؤشرا على أن النظام العربي يريد فرض قوانينه وتفكير، والقضية تتجاوز "الحظر الجوي" أو اللجوء لمجلس الأمن... فهل حقا لا نملك وسيلة إضافية لدعم "الثوار"؟ وهل توقف إبداعنا عند حدود "التدويل"؟!! لماذا لم نفكر مسبقا بأن الشعب الليبي يحتاج لأكثر من "حظر جوي" ويستحق ما يفوق قدرات الناتو على التدخل... هو في النهاية يستحق أن نكون نحن معه في مساحة الصراع... معه بكل الأشكال.. بوجودنا الفيزيائي، وبقوانين جديدة نفرضها داخل الجامعة العربية وبمؤسسة سياسية تستطيع أن تحميه وتحمينا مستقبلا من أي خطر يدفع البعض للتفكير بالتدويل ويدفع الباقين لإعادة صياغة الحاية والتفكير حتى نستطيع دفن الخطر.