الكاتب : نضال الخضري

أرجو أن لا يكون الأمر مجرد توتر إعلامي، فكل الثورات أو الأحداث الأصغر في كل العالم العربي دون استثناء تشهد نوعا من "العمليات الحربية"، رغم أن بعضها واسع جدا ولا يمكن أن يدار من استوديوهات البث المباشر، والبعض صغير لا يحتاج إلا لإجراءات قد تكون محلية، لكن على ما يبدو هو قدرٌ في لحظة الانتقال نحو "زمن" مختلف سواء اعتبره البعض جيدا أو سيئا، لكن قدرة الإعلام تجعلنا نفقد الإحساس بالحدث فنصبح مراقبين فقط.

المراقبة لها فوائدها، وعلى الأخص من زاوية االأنثى القادرة على رصد أدق التفاصيل، فالتشابه في بعض الصور أو ردود الفعل تفتح الشهية نحو البحث فيما تحمله تلك التفاصيل من مؤشرات، وبالنسبة لي أذهلني "الرد الأمريكي" على ما حدث في سورية بعد أن تناولته وسائل الإعلام بطرق مختلفة وبخطاب متباين ما بين الصرامة واللين، أو البحث عما وراءه، لكننا في النهاية أمام تصريح أمريكي يحمل معه صورة نمطية أيضا، فهو طلب ضبط النفس وبشكل يوحي بأن الولايات المتحدة ربما تملك "سيناريو" على عكس العادة، ففي الحدث المصري أو التونسي لم يكن هذا الأمر موجودا، وهي طرحت الأمور بشكل متدرج قبل أن تتخذ موقفا من الأمور.

وسأحاول أن أتجاوز نوعية الخطاب الإعلامي الذي ظهر منذ صباح 16/3 لأنه بالفعل حمل تجاوزا للفضاء الافتراضي، وسأبقى في مساحة البحث الأمريكي عن حلول لظاهرة عربية ليست مفهومه بالنسبة لعمليات الاستقرار الكبرى التي تشهدها المنطقة، فهي حاولت إعادة رسم الاستقرار سابقا (لنتذكر مصطلح الشرق الأوسط الجديد)، لكنها استقبلت الموجة العربية بنوع من الحذر، على أي حال فإن التصور الأمريكي ربما يكون نابعا من طريقة رصدها للروايات التي تريد أن تقدم حبكة، سواء عبر الـ"إيهام" بأن ثورة ستشتعل، أو اعتبار نقطة بداية لما حدث من خلال الرسائل النصية وهي رواية جريدة الوطن السورية، وفي كلا الحالتين يتضح أن هناك الكثير من "التنميط"، فالولايات المتحدة تقوم بـ"إسقاطات سياسية" سريعة وفي المقابل فإن الباحثين داخل الساحة الافتراضية يمارسون حالة مشابهة حتى في الكلمات والتصرفات وكأنهم أمام "ظرف مصري".

في النهاية نحن نكتشف أن المسألة ليست "حبكة روائية"، وأن التعامل معها ربما يحتاج إلى نوع من التمكن في أدوات المعرفة المستقبلية... الإنترنيت... لم يكن أحد مقنعا في تغطيته أو تعامله مع الحدث، فهناك من كان يحاول اختبار قدرة الإنترنيت وعن سابق إصرار بينما يخضع هذا المجال لقدر كبير من "الشواش" chaos والتداعيات غير المحسوبة، وحتى على الجانب الآخر من القصة هناك نوع من التعامل مع طرحها وفق نوعية "الحملة"، مع التحفظ على هذا المصطلح، الذي ظهر على الإنترنيت.

هل نجح الاختبار؟ المؤسف أن يصبح الفضاء الافتراضي مجالا للاختبار قضايانا وطاقاتنا، والمؤسف أيضا أن الاستجابة له كانت على نفس السوية، وهنا لا حاجة لاستخدام العنوان الذي وضعته للمقالة فليس هناك "بعدين.." الإعلام يحاول خلق الظاهرة من جديد في عقولنا، فمهما تعددت المصادر أو الأطراف أو النقائض هناك ضرورة لمراجعة تفكيرنا وأدواتنا في الزمن الجديد.