الكاتب : مازن بلال
دمشق - مازن بلال
بقي السؤال أمس هل هناك تحول في الحدث وربما في مكانه؟ لكن ما حدث في كلية العلوم بقي محدودا وفي نفس الوقت يقدم مؤشرات على أن ما يحدث يحتاج إلى قراءات مختلفة نوعيا، وظهرت أمس بعض الردود الدولية التي بدت استكمالا لمعالجة الشرق الأوسط عموما، وعلى ما يبدو فإن دول أوروبا هي التي تحاول التطرق بشكل أو بآخر للحدث السوري ومن زاوية "استنكار العنف"، وإذا كان الموقف الفرنسي الأكثر وضوحا فإنه بقي في نفس الوقت يدخل في المشهد العام الإقليمي وليس تخصيصا للشأن السوري فقط.
اللافت أيضا هو رسالة الملك الأردني عبد الله الثاني التي نقلها رئيس مجلس الأعيان الأردني طاهر المصري إلى الرئيس بشار الأسد، حيث حملت تأكيدات على أمن واستقرار البلدين علما أن الأردن تشه أيضا تحركا جديدا حمل في بعض مفاصله بعض أعمال العنف، والملاحظ هنا أن التحرك الإقليمي بدء يتخذ منحى مختلف تجاه التطورات في دول المشرق، فرغم أن بعض التقارير تتحدث عن "مشاريع سياسية"، لكن التعامل السياسي المباشر تجاوز بعد تطورات الأزمة الليبية كل الحالات السابقة، وربما بدأ ينظر إلى ما يجري على أساس التحول الإقليمي بعمومه وليس فقط قراءة التأثيرات المختلفة على كل بلد.
عمليا فإن الملاحظة الأولى التي يمكن تسجيلها هنا هو أن دول الخليج تحاول وضع حد لما سُمي "الموجة العربية" بعد أن طال الأمر البحرين، وربما كانت تتوقع حسما مختلفا في اليمن فتدخلها السياسي ربما جاء متأخرا نوعا ما وأراد أيضا إعادة تشكيل المواقف بعد أن تم حساب الموقف القطري على أنه "منحاز للثوار"... لكن ماذا عن سورية؟
هناك مؤشرات يمكن اعتبارها ملاحظة ثانية داخل المشهد الإقليمي، حيث يبدو نوع من الحياد المشوب بالحذر رغم ان المحطات الخليجية منفعلة على أقل تقدير بما يجري، وفي دول يتداخل فيها الشأن الإعلامي بالسياسي يبدو من الصعب تمييز الموقف، فما يجري عموما "عوم" (نستعير المصطلح من الاقتصاد) إن صح التعبير الأدوار الإقليمية، وهو أمر أدى في النهاية إلى تأجيل كل الملفات العالقة وعلى الأخص الملفين اللبناني والفلسطيني، لكن الدور التركي بقي على حاله رغم مأزقه بعد الأحداث في ليبيا، فنشاط أنقرة استمر باتجاه إطلاق المبادرات أو حتى "تقديم النصائح"، لكن في نفس الوقت تبقى تركية محتاجة لشريك حتى تتحرك إقليميا بشكل فقعال، وهو أمر غائب مع اختلاط الملفات حاليا.
الملاحظة الأخيرة التي يمكننا تسجيلها هي أن رؤية الثورات العربية، أو الموجة، مازال غائما في التحرك أو الخطاب السياسي العربي، فإذا كانت سورية وعلى لسان الرئيس وصفت ما يحدث في سورية على الأقل بـ"الحرب الافتراضية" فإن الدول الباقية لم ترسم أي موقف وربما فضلت التعامل على أساس "الوساطات السياسية" كما في اليمن أو انتظار الحسم كما في ليبيا، رغم أن الأمر طالها في بعض الأحيان، وبغض النظر عن توافق البعض أو اختلافهم حول مسألة الحرب الافتراضية لكنه قدم "تصور القيادة السورية" لما يحدث في بلدها، ومن هذه النقطة ربما علينا استقراء الحدث السوري، وعلى الأخص أن هناك محاولات تحريك ما يجري من مكان لآخر وبأساليب مختلفة.
يبقى الحدث السوري في النهاية يحمل ترقبا سواء لجهة تأثير الإصلاحات القادمة على سيرة، أو حتى لطريقة تعامل الدولة مع التطورات القادمة، لكن في النهاية فإن ما يجري في سورية سيؤثر بالتأكيد على كل الملفات العالقة إقليميا لأنه حدث محلي لكنه يتحرك في بيئة إقليمية قلقة، والأهم أن الحلول التي ستقدمها الدولة مهما كان نوعها ربما ستطرح مشهدا مختلفا ليس على الصعيد الداخلي بل إقليميا أيضا.