الكاتب : نضال الخضري

هل يمكن أن يمر مؤتمر اسطنبول بشكل عابر؟! هو أكثر من مجرد سؤال لأن الموضوع الأساسي في مسألة "التمثيل" الذي قدمه بعد يوم واحد من صدور بيان للمثقفين من الداخل والخارج حول الوضع السوري، وبالتأكيد فإن موضوع البيان بذاته ينقل رأيا لشريحة معينة، لكننا أمام فعل معارض في دولة مجاورة تقابله تشكيل موقف لتجمعات ثقافية وإعلامية في الداخل والخارج، وهنا المفارقة في الصورة السورية القادمة.

بالتأكيد يمكن لأي مثقف أن يتغنى بـ"الروح" التي شاهدها في إحدى التظاهرات، وهو بإمكانه أن يتحدث ساعات طويلة في التوصيف والتحليل لطبيعة الظرف السوري، ويوزع المسؤوليات حول ما يحدث، ويمكنه أيضا أن يدافع عن الحلول التي تقدمها الدولة بما فيها الحل الأمني، ولكن السؤال هل يشكل "تيار الثقافة" في سورية حالة خاصة، وهل يقدم أشكال ولو متناقضة من الحراك؟!

التحدي اليوم ليس فقط في مسألة "مؤتمر اسطنبول" الذي يمكن أن أذهب لاعتبار حالة من الضغط السياسي باتجاهين: نحو انقرة ودمشق، لكن على المستوى الاجتماعي فهي يحتكر التمثيل للطيف السياسي حسب تعبيره، ويقدم أيضا "الصورة الذهنية" لسورية ما بين ممثلي عشائر وأحزاب دينية و "ناشطين علمانيين" أو ما أطلق عليه "حركات علمانية.

وبالتأكيد فهو يشكل حتى اللحظة "الممثل" لما حدث من سورية لأن الكثير ممن حضروه ظهروا على شاشات التلفزة سابقا وتحدثوا عن سورية، وكانوا وحدهمن في تقديم "النخب" الخاصة بالحراك السوري الداخلي، وهذا الأمر ليس إعلاميا فقط، لأن مسألة التحرك والتحريض قدمها فداء السيد من أوروبا، وهو الوحيد المعروف من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي الذي يتحدث "بنفس الثورة"، ولا يهم هل هو موجود داخل "مساحة التغيير"، أو انه قادر على الاستمتاع بحياة هادئة دون ان يضربه القلق من صورة المستقبل التي لم يحددها أحد إلا بشعارات الحرية.

التحدي لا يعني إطلاق المواقف أو حتى طرح الشعارات، ففي كل الحركات الاحتجاجية أو حتى الثورات كان هناك التشكيلات الأكثر عمقا وهي تلك التي تستطيع التعامل مع "الأسئلة" وليس فقط وصف ما يحدث، فهل هذا الأمر غائب؟ أم أننا سنكتفي بمن هو موجود في الخارج ولا نعرف بالضبط هل سيتواجد يوما على أرض الوطن ليواجه التحدي السوري فيما لو أصبحت التداعيات أخطر مما يحدث اليوم؟!

ربما يشعر البعض أن ما يجري حركة شعبية وهذا حقه، لكن أي تحرك شعبي لا يمكن أن يسبح في الهواء، فهناك تصور مسبق وأهداف نهاية، وفي الوسط تقف الإجراءات التي تحمل بذاتها مآزق كبير، وتحتاج إلى قاعدة لا علاقة لها بمن يعيش خارجا ويبني كل تصوراته على التقارير، فصورة سورية لا يمكن أن تظهر إلا من الداخل ومن قدرته ليس فقط على التعامل مع الإصلاحات أو تطور المطالب، بل أيضا في تحمل أخطاء الممارسات وإخفاق المحاولات أو نجاحها... هذه صورة واحدة فقط لمثقف يوقع على بيان (وهو حقه بالتأكيد) بينما تٌعقد المؤتمرات في الخارج.