الكاتب : نضال الخضري

المسألة ليست تقييما لما حدث على امتداد شهرين، بل هي مراجعة داخلية بامتياز لأن الحدث لم يكن مجرد "احتجاج" أو حسب بعض المصطلحات "ثورة"، فما حدث سواء اعتبرناه صغيرا أو كبيرا شق طريقه باتجاه المجتمع ليكون مجموعة من الأسئلة "المتأرجحة"، فبالتأكيد هناك نوع من القلق على "شكل الحياة السابقة" وهي لن تعود على الأقل بحكم التفكير الذي أصبح ينظر إلى سورية وفق مشهد مختلف يحمل معه حراكا اجتماعيا حدث وانتقل في الجغرافية السورية، وفيه أيضا حملة إعلامية غير مسبوقة انفجرت فيها "أشرطة الفيديو" وأصبح الموبايل بطلا في ساحة الإعلام، وأخيرا ظهرت صورة سياسية جديدة فيها تفكير بأن المجتمع السوري هو "حمّال مفاجآت".

مشاهد أكبر من الظاهرة

عبارة الاستقرار ظهرت في شوارع دمشق عبر الإعلانات الطرقية، وترافقت مع حملة متعلقة بمسألة القانون، وبالتأكيد لست ضد القانون ولا الاستقرار، وردة الفعل الطبيعية لما حدث هو البحث عن "الاستقرار"، لكن ربما علينا أن نعيد قراءة هذا المصطلح لأنه أصبح يملك أدوات جديدة، لأنه استقرار لا يمكن رؤيته إلا من زاوية المجتمع، فالدولة في النهاية مسؤولة في الحفاظ على الاستقرار لكنها ليست من يخلقه... الاستقرار الموجود اليوم رغم "الاضطراب" في بعض المناطق تفرضه الثقافة الاجتماعية، وهي ثقافة من المفترض ان تؤثر حتى على شخصية الدولة... ألم يحدث هذا الأمر؟! هو بالفعل كان له ارتداد داخل الدولة سواء عبر التفكير بمسائل ربما كانت محسومة في السابق، بينما نشهد مجالا للتفكير في تحديات المستقبل.

أبطال في الساحة الافتراضية

أكثر مواقع الخيبة هو شبكات التواصل الاجتماعي لأنها حملت "انشقاقا" غريبا من نوعه، فهي لم تمثل نشاطا مختلفا عن فوضى الآراء أو تسارع الحدث أو حتى غموض بعض جوانبه، هناك أبطال داخل الساحة الافتراضية يخوضون المعارك بينما يسير الواقع باتجاه مختلف، وبالتأكيد فما عشناه على شبكات التواصل الاجتماعي فريد من نوعه، لأنه مثل مساحة مختلطة أوضحت أن التفكير الاجتماعي يحتاج بالفعل لتفاعل يتجاوز مرحلة طرح المواقف، فأكثر ما يريح الناس هو طرح المواقف بينما أصعب ما يواجههم هو شرح هذا الموقف... و "الفيس بوك" يقدم أكبر نموذج على هذا الموضوع.

تفكير سياسي دون حراك

خلال شهرين أرهقتنا العناوين المطروحة وانتقالها من مطلب لآخر، كما أتعبتنا التغطية الإعلامية مهما كان الطرف القائم عليها في تتبع تلك العناوين أو شرحها، لكن الواضح أن الحراك السياسي كان الأصعب، وباستثناء "التظاهر" فإن القواسم التي يمكن ان تجمع على الأقل النخب كانت غائبة أو حتى مجال نقاش، فشهدنا حركة توافق لما (لا نريده)، اما ما هو التصور المبدئي لما نسعى إليه سواء على مستوى "المحتجين" أو حتى المواطن العادي فهو مسألة كانت مشوشة لأبعد الحدود.

الانطباعات السابقة هي فقط كلمات ربما يعترض عليها البعض لكنني أردت نقل تجربتي الشخصية سواء عبر ملاحظاتي لما عشته أو حتى دخولي لشبكات التواصل الاجتماعي، وأخيرا في الحوارات التي حاولت ان أخوضها مع الآخرين... هل تستحق هذه التجربة أن تدون... ربما...