ليس هناك أكثر من إشارات التعجب أمام القتل المجاني، لأن "خنق الأصوات" مهمة مزدوجة يحلم بها قادة "الحرب الإعلامية" على طرفي الجبهة المفتوحة قسرا داخل جغرافيتنا المتعبة. ولأن الحزن لا يشكل طاقة قادرة على حملنا نحو البقاء والاستمرار فإننا نطلق إشارات التعجب، فلم ننتظر كثيرا حتى جابهنا نتائج "الحرب الإعلامية".

وربما لم يكن رامسفيلد يتوقع الاستجابة السريعة لدعوته، فإذا كان من قتل "أطوار" مازال مسجلا ضد مجهول ... لكننا على الأقل نعرف تماما أن إعلان الحرب من طرف واحد لن يؤدي إلا لمزيد من الدماء ... إنها مسألة تبدو وكأنها حلقات مرتبطة داخل معركة مستمرة يكفي أن يصرح طرف فيها حتى تنهال الدماء على الجنب الآخر.

ما حدث في العراق ليس جديدا لكنه بلا شك صورة عما ينتظرنا داخل "المعركة الإعلامية" التي قرر رامسفيلد خوضها وكأنها كسبا جديدا ضد الإرهاب، وهنا يكفي "الاستنساب من الطرف الآخر كي يدخل في مجال تكفيري جديد ... ورامسفيلد شاء أم أبى فإنه أدخل المساحة الإعلامية في عمليات الفصل الإجباري الذي طبقه على السياسة، ومنذ اليوم علينا توقع اقتسام المساحة الإعلامية على شاكلة "محور الخير" و .... الشر، وسيتم حصد الأرواح على قاعدة جديدة، واستنساب في فرض القيم الخاصة ليظهر مذهب "التكفير الإعلامي" ... وممارسة "الحد" على المارقين من جانبين.

علينا توقع "غوانتنامو" إعلامي ... وحملات "تكفير" إعلامي ... وعلينا الاستعداد لمواجهة القتل المجاني على قاعدة الخير والشر التي أطلقها رامسفيلد كنتيجة خطاب الحرب على صعيد الصورة والكلمة.

ربما نودع اليوم العالم الذي يصبح فيه الإعلام صورة لعالم يحلم بالتواصل، لندخل "معسكرا" يغلق البشرية على صوت واحد محتكرا حق التمثيل "الإعلامي" ... أو معاكسا منطق الحياة في التنوع والاختلاف .... فهل نقول وداعا لـ"أطوار"؟!!!

إشارات استفهام وتعجب سنحملها دائما لتصبح المقالات والصور إشارات وإيماءات، وربما حركات لندخل عصر "السينما الصامتة" من جديد و "الإعلام الصامت" وربما الحياة الصامتة.