المسألة ليست تخوينا أو محاولة لإدماج مساحة المعارضة بالصراع داخل فلسطين، لكن هناك زمن يشترك فيه الجميع، حيث لا يمكن فصل الأحداث بشكل مطلق، أو كتابتها بمعزل عن الجغرافية التي ترسمها، فإذا كان مؤتمر "المعارضة" في بروكسيل حاول أن يتجاهل الماضي، فإن ما حدث في أريحا هو بالفعل نسف للماضي.

ما بين "بروكسيل" و "أريحا" أكثر من مجرد مداليل سياسية، لأنه الأسلوب الذي يغرق به البعض معتبرين أنهم يسيرون داخل مكان "مجهول"، أو أنهم يكتشفونه للمرة الأولى على سياق كريستوف كولومبس، لكن المشكلة أن المعارضة السورية في الخارج تقدم باجتماعها مجال الإخفاق القادم، بينما تثبت القوات الإسرائيلية حقيقة الإخفاق الديبلوماسي لمرحلة ما بعد أوسلو. وفي الحالتين فإن الجغرافية – السياسية للمنطقة هي في الواجهة، وهي التي تدفع الثمن من التحركات التي تدعي رسم السيناريو المستقبلي.

وإذا كان أولمرت حقق شعبية جديدة لحزب "كاديما" عبر استعراض القوة على "السجناء"، فإن "استعراض" القوة في بروكسيل يكرس الهم السوري في التعامل مع "سيناريوهات" هي أشبه بـ"المتاهة" التي تضيع فرصة "المعارضة" الحقيقية، وتعيد إنتاج حقبة من خلال وجوه لا نعرف عنها سوى تصريحاتها، أو سياق خطابها الذي يدعو للاكتئاب.

لكن مقاربة الحدثين يمكن أن تتجاوز أيضا مساحات إضافية من حالات العبث، حيث يجد "المواطن" أنه أسير "القوة الخارقة" في أريحا!!! أو اللعب على "الابتسامات" في بروكسيل. لأن الحياة السياسية التي تصاغ على نمط اللقاءات لا تتناسب مع حجم الانتهاك الذي شهدناه في أريحا، فهذه المجابهة تريد تقديم إيحاءات بأن الحياة السياسية يمكن صياغتها بأسلوب برتوكولي يستوعب "استراتيجية" العنف الموجودة سواء عبر الحرب الاستباقية أو "الشرق الأوسط الكبير".

المشكلة أن حجم الحركة الإقليمي متناقض في طاقة الاستباحة للعقول في بروكسيل أو للوجود في أريحا، لأن القضية ليست في مصداقية ما يطرحه "المعارضون" أو حتى الخطاب الرسمي... المسألة هي أننا نحتاج لوسائل مبتكرة ومنهج يخرجنا من ثنائيات التفكير، وليس لبدائل سياسية ....