الفارق الوحيد بين "الظواهري" وتصريحات النظام العربي الرسمي هو في حجم اللحى التي تتدلى، وربما يكون المطلوب من الطرفين الصمت، لأن الكلام في لحظة الحرب يظهر وكأنه نوع من "القبح" الذي يحاول البعض إقناعنا بأنه تزيين سياسي. والفارق ربما ينتهي لأن الأخطاء الاستراتيجية متشابهة، وربما في الأوقات العصيبة لا ننتظر المترادفات التي تأتي وكأنها غبار خيل من الماضي.

بالطبع لم يفتح "الظواهري" إدارة الصراع بشكل طائفي، فالإدارة الأمريكية لا ترى أي شكل آخر سوى أشكال الفئات المنتشرة على الجغرافية الضائعة لأوطاننا، لكن الظواهري يحاول إقناع المجتمعات بأن "الإمارة" الإسلامية في العراق قابلة للظهور على أشلاء المواطنين، وإيقاع الموت، وكأنها نموذج كامل ... ما الفرق بين هذا الطرح والصورة الديمقراطية للعراق التي تطرحها الإدارة الأمريكية؟!!! ربما لا شيء ... وربما يخلق هذا التشويش مجالات جديدة لاختراق هذه الحرب التي يتسابق العديد لاغتيالها.

ما اعلنه الظواهري فتح حرب الفتاوى .. ثم شكل مظاهرة علنية لاقتتال "التراثيون" .. وربما لاقتتالنا جميعا من أجل إعادة الصورة كما نفهمها. فعندما يصبح الموت هالة فوق الجميع تنتعش الصور الفقهية وكأنها تتغذى برائحة الدخان.

لا نحتاج لفتاوى "الظواهري" أو "القرضاوي" أو أي رجل يخشى الضوء الذي تخلقه المغامرة .. ولا نحتاج أيضا لاستنتاجات مراكز الأبحاث الأمريكية عندما تحاول اقناعنا أن الحرب هي بين طرفين فقط ... لأن القتل يطال الجميع ... والموت يأتي في كل لحظة تشتعل فيها حرب القبائل.

في هذه الحرب ملامح جديدة لحروب طائفية ... ولصور اجتماعية أقوى من أن تخضع لإدارة صراع طائفي، لأن ما تم تقديمه لا يمكن أن يبقى سلعة لدم بارد وخطابات عصماء يلقيها الظواهري وتستهلكها وسائل الإعلام ... الدم الذي تمت إراقته ممنوع أن يضيع في أروقة السياسة التراثية أو المكاسب التي تمنح النظام السياسي رمقا أخير يحاول بها المزاودة علينا بالعقلانية.

حربهم هي حربنا .. ودمهم هو دمنا ... وليذهب الظواهري والقرضاوي والساسة العقلانيون إلى مساحات أخرى غير هذه الحرب التي تقف على أعتاب قلبنا.