القرار 1701 ليس مبنيا فقط على مشاورات صعبة لأنها أساسا كان وليدة زمن قاس وربما باق في آثار القصف، أو حتى رؤية الدخان الذي خلفته حرب جديدة بمعايريها. فهي الحرب "الخلافية" التي خلقت ما يمكن تسميته بـ"الفصل الاستراتيجي" في رؤية العالم الجديد، ومفاهيم الشرق الأوسط التي طرحتها الولايات المتحدة منذ أربع سنوات. فما خلفته الحرب ليس خلافا سياسيا داخل النظام العربي، ولا حتى مسألة شرعية حزب الله أو "تحالفات" إيرانية – سورية. فالحرب في صراع لخارطة سياسية لم تستقر منذ منتصف القرن الماضي. وهي أيضا الأكثر وضوحا في رسم الخلل الذي خلفه التفكير الدولي في الشرق الأوسط، ويعجز اليوم عن خلق رؤية قابلة للتحقق.

عمليا فإن الحرب كواقع عسكري بدت منذ اليوم الأول وكأنها مراوحة، أو استنزاف، فالعمليات العسكرية ظهرت وكأنها منتهية أو بلا نتائج، لأنها حملت تخبطا في استراتيجيتها، وتحولا عن أهدافها. وكان الرهان الإسرائيلي واضحا في خلق فوضى ربما تجبر حزب الله على إعادة النظر بـ"بوجوده". فالقصف الممنهج كانت غايته خلط "الديموغرافية" اللبنانية بما يساعد على خلق أخطار على الساحة الاجتماعية. وتدمير البنية التحتية سعى لفرز واقع اجتماعي أيضا عبر استغلال مساحات الافتراق السياسية تجاه حزب الله. وكان واضحا أن الفوضى نجحت في البداية خارج لبنان وتم رسم الحرب عربيا على الأقل على مساحة من التفكير "المذهبي" أو "الطائفي" ... لكن هذه المسألة تراجعت لاحقا لأن الحرب فرضت واقعها، وأوضحت أيضا أن الصراع الدائر يملك حيوية لا يمكن حسابها على شاكلة تفكير الأنظمة العربية، أو حتى طريقة تكتيك المحافظون الجدد.

القرار الدولي ببنوده كاملة لا يحمل انتصارا أو هزيمة فهو تعبير عن واقع فقط، وهو بذاته لا يخلق افتراقا عن أن أي زمن سابق، لكن الأحداث خلال شهر كامل هي التي سترسم صورة الشرق الأوسط الجديد كما نريده ... لكن الحرب هي في النهاية جملة إجراءات تحتاج لإرادة سياسية، والقرار 1701 هو في النهاية رسم سياسي يحتاج لتعامل واضح، تماما كما تعامل حزب الله مع المعركة ... يحتاج لتحديد ما نريده وما يجب أن نستفيد منه في المرحلة القادمة.