"هم" لا يتركون مجالا للنحيب، فعندما يرحلون يصورون الدنيا بلوحة تجمعنا، ولا نعرف من أين نبدأ.. فـ"هم" الذين تركوا الدنيا على عجل.. وعاشوها وهم يركضون من مساحة إلى أخرى.. فكيف أتخيلك بعد أن تركتنا في زحمة ما نريد.. أو ما يمكن أن يجعلنا وراءك.. إنه ليس "جوزيف سماحة".. هو الجميع.. هو الذكور والإناث والمجتمع الذي وجد نفسه يلاحق الأقلام والكلمات، ويحاول أن يجد صورة جديدة...

ربما لم يذهلني "الخبر" لأنني مذهولة بطبعي من طاقة القدر على سحب الناس باتجاهه، فعندما يصبح الموت عادة لا نستغرب من الرحيل، لكننا نحلم بان يكون هناك لوحة نستطيع بالنظر إليها إعادة الوجوه باللون.. أو حتى إيجاد تجريد يعيد الأشخاص إلى فكرة تمضي عبر الزمن...

ودون التفكير كثيرا استطيع خلق لونك في عقلي لكنني عاجزة عن ابتكاره على الورق، أو على صفحات الإنترنيت التي تبدو صماء لحيوية الفكرة.. فأنا لم اعشق الكلمة.. بل الانطباع الذي يتركني امامها ووراءها.. فاتذكر أن صفحات "السفير" كانت تكتب اسمك فأعرف أن هناك اللون الذي اعتدت أن أراه خارج المألوف البصري، فلا أتلهف للقراءة إنما لإعادة ترتيب الحروف كي تبقى على شاكلة السر في هذه الدنيا...

لم يذهلني الخبر لأن الأقلام لا ترحل، واللون يستمر في النفاذ إلى عمقي.. أو قلبي.. أو يعيد تشكيلي على مساحة الأقلام التي تظهر وتخبو لكنها تشكل خارطتها على مساحة جسدي.. مساحة المجتمع..

إذا تركت دموعي للحظة فإنها لن تبكيك.. ربما تبكي اللون الناقص في حياة الحروف والحدث والإعلام.. وإذا كنت أنت من يوقظني للحظة على شكل الحدث الذي لم يكتمل فأنا أعيد ترتيب حروف اسمك امامي لأنك واحد منا.. ربطتنا التعابير القادرة على تجاوز السياسة، وتعطينا فضاء لعقلنا.

هكذا عرفتك.. وسأستمر في رؤيتك بعد الرحيل.. أنثى غاضبة من العجز في ابتكار اللون لكل قلم موجود او رحل.. أنثى ترى الحياة دفق للجميع دون افتراق جنسي .. سوري أو لبناني.. ذكوري أو انثوي.. أنثى عاجزة عن النحيب .. لكنها قادرة على القراءة ... أو المحية.. أو حتى التواصل مع الجميع..