المشكلة الأساسية في أي مؤتمر شرق أوسطي تتلخص في طبيعة الدور الدولي داخل هذا المؤتمر، فالمسألة لا تتعلق اليوم بالرغبات في مساعدة العراق أو وقف العنف فيه، بل أيضا في طبيعة التفكير الدولي بالمنطقة إجمالا. فما حدث خلال السنوات الأربع الماضية هو معارك غير محسومة، رغم النتائج الكارثية للحروب المتلاحقة، بدء من احتلال العراق وانتهاء بحرب تموز.

والموضوع الآخر الذي يرافق صورة المنطقة مع انعقاد مؤتمر شرم الشيخ هو الانقسام الأمريكي تجاه الحرب في العراق، حيث لم تظهر استراتيجية واضحة لهذا الأمر، فإذا كان الديمقراطيون مصممون على جدولة الانسحاب، لكنهم في نفس الوقت لا يملكون الآليات الخاصة بهذا الأمر، كما انهم لا يتركون أي أفق سياسي لما بعد الانسحاب. فالقوات الأمريكية في العراق لا تبدو عاجزة عن فرض الأمن لكنها غير مزودة برؤية سياسية لما يمكن ان تقوم به هناك، بعد ان أصبح المشروع السياسي في العراق رهن الصراعات الداخلية، ومرتبط أيضا بالأجندة السياسية لكلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة.

عمليا فإن ترتيب الوضع العراقي هو ترتيب للمنطقة ككل، وهذا الأمر كان واضحا مع بداية الاحتلال، إلا أن الأزمات التي فتحتها الولايات المتحدة لإنجاز الترتيب لم تصل حتى اليوم إلى نقطة واضحة، وكان الترتيب يسير على مساحة سياسية خلافية لم يتم التوافق عليها من قبل دول المنطقة، مما فتح احتمالات لانفجار الأزمات بشكل متتال، فإذا كان صحيحا أن الولايات المتحدة فشلت حتى اليوم في فرض خارطة جديدة للشرق الأوسط، لكنها على الأقل كسرت الشكل القديم، ولم يظهر حتى اليوم أي بوادر يمكن أن تدفع المنطقة إلى خارطة جديدة.

ما سيحدث في شرم السيخ هو "اتصالات" لأن الواقع العراقي والإقليمي لم يجد بعد مسارا استراتيجيا جديدا، فيما عادت الولايات المتحدة إلى نقاط سابقة لمرحلة الاحتلال، لكن هذه العودة لا تفيد كثيرا طالما أن الصورة السياسية للعراق والشرق الأوسط لم تعد كما هي قبل الاحتلال.

ربما من الصعب تصور سيناريو نهائي لما سيحدث بعد عام كامل في المنطقة، لأن الوقت يداهم الجميع، ومسألة جدولة الانسحاب أو التعاون مع دول الجوار يحتاج بالدرجة الأولى إلى تشكيل سياسي إقليمي مفقود اليوم، بينما تخوض الولايات المتحدة معركة متعددة الجوانب، ومن الصعب حسمها خلال زمن محدود