النهار / سركيس نعوم

تحدث المسؤول المهم نفسه في "الادارة" الاميركية ذات الاهمية الكبيرة والاطلاع الواسع، عن احتمال توجيه اميركا ضربة عسكرية الى ايران قال: "لم اقل ذلك. قد نصل الى الجسر ونسير حتى منتصفه ولا نفعل شيئاً. لكننا لن نسكت. اما في موضوع روسيا والصين فاستطيع القول ان الوضع الدولي لم يعد مثلما كان قبل 40 او 50 سنة. روسيا والصين صارتا جزءا من هذا العالم الحر. وهما عضوان في كل مؤسساته الدولية. ولا مصلحة لهما في الاصطدام بالمجتمع الدولي. ولا بد من التوصل الى تفاهمات معهما في النهاية. في أي حال كنا في ايلول الماضي قاب قوسين او ادنى من التوصل الى تفاهم، او بالاحرى الى تسوية للموضوع النووي الايراني. لكن كل شيء "فرط" بسبب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي صعّد كثيراً واتخذ مواقف متطرفة". لكنك تعرف ان الرئيس أحمدي نجاد موظف عند المرشد آية الله علي خامنئي. وهو لا يمكن ان يتخذ مواقف من قضايا استراتيجية كهذه اذا لم تكن لديه موافقة من خامنئي. علّقت. فردّ: "هذه نقطة جيدة. ولكن لا تنس ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس هي بدورها موظفة عند الرئيس جورج بوش الذي له الكلمة الاخيرة. وكونها موظفة لا يعني ان لا تأثير لها على السياسات التي يضعها بوش او يوافق عليها. في اي حال ان نجاد متطرف. وايران دولة اسلامية. وخامنئي قد يكون متقدماً في هذه الدولة كونه رجل دين. واكثر من له مصلحة من الايرانيين في استمرار النظام الاسلامي في بلادهم هم رجال الدين. لذلك قد يكون خامنئي عطّل التسوية، او ربما هو معها لكن رجال الدين الايرانيين الكبار الذين يشككون في مرجعيته الدينية وأهليته للموقع الذي يشغل، كانوا ضدها فلم يستطع ان يخرج عليهم وتحديداً على المتطرفين منهم الذين دعموه واوصلوه الى المرجعية اي الى "ولاية الفقيه". في اي حال تقوم ايران على ركيزتين، الاولى ثلاثة الاف سنة من الامبراطورية الفارسية. والثانية انتماء الغالبية الساحقة من الشعب الايراني الى المذهب الاسلامي الشيعي. وهاتان الركيزتان تكوّنان، وقد كوّنتا، وحدة داخلية صلبة". لكن هناك اختلافات اتنية وعرقية في ايران. وهذا امر يعرفه الجميع. فهناك الفرس وهناك الاذريون الذين لا يقل عددهم كثيراً عن عدد الفرس، خلافاً لاحصاءات الحكومة الايرانية. ويعتقد كثيرون ان تعرّض ايران لضربة عسكرية اميركية كبيرة من شأنه ان يهدد هذه الوحدة الداخلية فيها. فردّ على ذلك: "هذا امر ممكن. ولكن بحسب معلوماتي لا يشكل الاذريون 40 في المئة. لكن الاختلاف الاتني موجود".
ايران تتهمكم بالوقوف وراء العمليات الارهابية التي حصلت فيها اخيرا. قلت. فردّ: "هذا غير صحيح. لقد نددنا بالهجوم الارهابي الاخير في ايران. وخلافنا مع ايران لا يعني اننا مع ضرب وحدة الدول، وعدم المحافظة عليها". ما هي اهداف ايران في العراق؟ سألت. فأجاب: "لن ادخل في تعداد الاهداف او تحديدها. لكنني اقول ان ايران، مثل اي دولة او قوة، عندها استراتيجية الحد الاقصى واستراتيجية الحد الادنى. والظروف والتطورات هي التي تقرر اعتماد اي من الاثنتين او وضع استراتيجية ثالثة. ايران لا تريد قطعاً عراق الـ1980 اي عراق صدام حسين او اي عراق آخر يشبهه. اي عراقا قوياً وقادرا على تهديدها وشن الحرب عليها. كما لا تريد عراقاً مقسّماً. ولا تريد عراقاً شيعياً بالكامل السنّة فيه مقهورون، بل مقتولون، لان ذلك يعبّىء العالم السني العربي وغير العربي ضدها. ربما تريد عراقاً شبيهاً بدولة الامارات العربية المتحدة والاردن. اي دولة هادئة ومسالمة وغير خطرة. علاقات ايران مع السيد مقتدى الصدر قائمة ولكنها غير مستقرة، وهو دائم التردد في جعلها مستقرة في صورة نهائية. ولايران علاقات مع سائر المجموعات الشيعية العراقية، كما لها علاقات مع فصائل سنية. والتشدد الايراني الكبير في العراق يؤدي الى حرب وفوضى، والى تدفق المجاهدين السنة من كل العالم الى العراق. وهي، اي ايران لا تتحمل ذلك".
قيل كثير في الماضي ان شيعة العراق غير شيعة ايران، وان لا خوف من سيطرة ايران على العراق. وقيل ذلك أيضاً عن شيعة لبنان، وعن اولوية العروبة عندهم على اي رابط آخر. ولكن في لبنان نجح "حزب الله"، حتى الآن على الاقل، في دفع الشيعة الى ان يكونوا شبه حالة ايرانية.
الا يمكن ان يتحقق نجاح مماثل في العراق؟ سألت. فأجاب: "ما تقوله عن لبنان صحيح. "حزب الله" حالة ايرانية مئة في المئة. لكن العراق غير لبنان. الشيعة في العراق حاكمون اليوم وسيستمرون في الحكم. نحن نتعاون معهم ومع الحكومة التي يرأسها نوري المالكي. والعراق دولة غنية. هناك مقومات كثيرة تجعل العراقيين، وخصوصاً الشيعة، يتمسكون بدولة مستقلة خارج اي هيمنة خارجية، ايرانية كانت او غير ايرانية".
كيف ترى المنطقة في ضوء مشكلاتها وازماتها المتنوعة؟ سألت. فأجاب: "شهد الشرق الاوسط في الـ50 السنة الماضية حدثين بارزين. الاول، الثورة الاسلامية في ايران عام 1979. والثاني احتلال اميركا العراق عام 2003. طبعا كانت هناك مشكلات عدة في المنطقة، ولا تزال، منها الصراع الفلسطيني مع اسرائيل ثم الصراع العربي – الاسرائيلي، ومنها لبنان. لكن هذه المشكلات كانت موجودة وتفاقمت حيناً وهدأت احياناً. لكنها لم تكن اساسية بمعنى انها لم تفجّر المنطقة او تهدّدها بالتفجير كما هي الحال اليوم. بعض هذه المشكلات بدأ حله (اسرائيل ومصر والاردن، واسرائيل والفلسطينيون) على رغم الصعوبات التي تكتنف ذلك. والدول العربية الكبرى "تتعاون" مع اسرائيل بعد التهديد الايراني".
كيف ترى العلاقة بين سوريا وايران؟ سألت. فأجاب: "التحالف بينهما قوي جداً ومتين. توقعات فك هذا التحالف قد لا تكون واقعية حالياً. استراتيجية ايران هي اعادة الاعتبار الى الطائفة الشيعية داخل الاسلام وفي العالم الاسلامي من خلال الصراع مع اسرائيل ومحاولة تحقيق انجازات فيه. لذلك فان ضرب اسرائيل او اضعافها او القضاء عليها هو من اهم اهداف ايران".
يقال ان لايران الآن الوزن الاكبر في حلفها مع سوريا، خلافاً لما كانت عليه الحال ايام الرئيس الراحل حافظ الاسد. فما هو رأيك؟

مصادر
النهار (لبنان)