لست مستعدة للدخول في التحليل السياسي، لكن مجرد التذكير بأن شهر تموز قادم يعيد لي ألوانا من الوجوه التي لا يمكن نسيانها.. فأنا لا أستطيع استباق الأمور أو تقديم حفر لكلمات كوندليزا رايس لكنني في المقابل أحاول أن أرى صورتها المتكررة على امتداد الأيام التي حملتها باتجاهي.. باتجاه الوطن أو الأزمة.

وربما للتذكير فإن "الشرق الأوسط" ليس "شرق أوروبا".. ورايس المصرة على تحميلنا كل دراساتها التي أنجزتها على الجناح الشرقي لأوروبا تجعلنا نبحث في الكثير من الكلمات التي أطلقتها قبل وبعد أن أصبحت وزيرة للخارجية.. لكن الذي لا يمكن أن ينتهي من الذاكرة هي طبيعة الكلمات التي تطلقها.. لأنها ليست تهديدات بل الملامح الخاصة بالتعامل مع الجغرافية التي تجهلها مع تقديري للجهد الذي بذلته وهي تبحث في نظرية "البناء" اعتمادا على "الفوضى".

مشكلتي مع رايس أنها رافقتني أيضا في السنوات السبع.. فهل أستطيع فصلها عن ذاكرتي التي أريد تكوينها لـ"مرحلة"؟!! إنه ليس سؤالا بل محاولة لقراءة ما يمكن أن أراه من الماضي القريب، ففي اللحظة التي أفكر فيها بالديمقراطية يلمع العراق مع الصور الباردة لـ"رامسفيلد" قبل أن يترك وزارته، وعندما أفكر بـ"الثقافة الجديدة" تطرق أذني كلمات رايس عن "مخاض" الشرق الأوسط الجديد... فكيف أستطيع التفكير بهدوء .. أو البحث بشكل منطقي..

لم يمت الحلم رغم كل شيء... ما حدث في السنوات السبع كان صورة واحدة فقط، وطعن الديمقراطية من الخلف لم يكن مميتا.. ووضعها بديلا لكل الأحلام الذي سكنت "الرواد" بدولة الحداثة لا يمكن أن يشوهها.. فهي منفصلة عن أي شيء آخر.. وهي مسألة حيوية تتطور وليست محصورة داخل "التيارات" التي تريد منحها صورة "رايس" أو "بوش"... لأنها مطبوعة في الداخل بـ"العلمانية" و "الحداثة" والثقافة الاجتماعية.

إنهم مسؤولون عن قتلي.. وطعن الأحلام... وفرض حفلات اغتصاب "الديمقراطية" لأنهاك الجميع.. وربما القبول بمساحة صغيرة... لكن ما تقوله رايس ليس هجوما على سورية ... والمسألة التي لا تعنيها هي نوعية القلق الذي تزرعه في المجتمع بجملة الأوصاف التي تطلقها وكأننا شاردون دون جغرافية.

المسألة ليست سبع سنوات فقط.. لأنها في النهاية صورتنا كما تظهر وليس كما تريد رايس أن تضعها أمامنا وهي تتحدث في مجلس النواب.. وهي أكثر من مسألة أزمة لأنها اللون الذي نراه ما بين مسائلنا الداخلية والمساحة السياسية لـ"رايس".