سأحاول الابتعاد قليلا عن طبيعة الحدث، وأضع جملة من الحروف التي تغطي الظاهرة كما اختبرتها عبر سبع سنوات... ورغم ان المشكلة ليست في الحدث السوري، لكنها منذ أحداث أيلول ثم احتلال بغداد أصبحت سورية بامتياز.
لم أكن أفكر قبل دخول الألفية الثانية أننا سأبحث في المستقبل وأنا مطاردة من "أشرطة" الكاسيت الرديئة، ومن المواعظ التي تلاحقني في ساعات النهار، لتصبح قضية "النقاب" مسألة ملحة في عقلي، فهل يمكن لتسارع السنوات أن يلغي ما أعيش من أجله!!
خلال عامين فقط استطعت التعرف على "استيقاظ" التراث وهو ينتشر في المدينة، فيوقظ أصحابها على "السكينة".. ويهدهد لهم في أسرتهم على احلام الجنة، بينما يفترس الجحيم العراق، ويتسارع قدوم عهد الجواري من بين جنود "المارينز" وملامح "دولة العراق الإسلامية" أو صراع أمراء الطوائف – الأحزاب التي ظهرت منذ سقوط بغداد.
في العلمانية التي تحدث عنها وزير الخارجية السوري في بغداد، مؤكدا على أن سورية علمانية تتعامل مع كل العراق صورة أخرى اجتماعية، ربما لم يكن سوى لأحداث السبع سنوات التأثير في ظهورها، لكنها تحاصرني وأنا احاول أن أرسم ملامح القادم أو أقرأ الماضي القريب على إيقاع من التفاعل والحياة بدلا من الاحتكام للماضي...
"علمانية" ربما نقرؤها بأشكال مختلفة لكنها بالمسبة لي مجموعة ظواهر تنتشر في المساحة الاجتماعية، وهي تحتاج لوجود.. لوجود الاخرين الذين يريدون إعادة رسم المكساحات على أشكال الحداثة التي تعلمناها لكننا نقف دونها.. و "العلمانية" التي لا يمكن أن أشاهدها إلا في صورة الأنثى الجامحة التي تريد تكسير ما هو مفروض عليها فقط لأن "الديمقراطية" تُرسم خارج مساحة "العلمانية".
هي حياتي التي تجعل المسافة متساوية بين الجميع، فلا نجد سوى العقل سلطة معرفية.. سلطة تجعلنا نحتلف ونلتقي لكن مستقبل المجتمع هو همنا وهو حياتنا.. "علمانية" التفكير بالظاهر الاجتماعية بدلا من ردها إلى مؤامرة الفكر الآخر الذي يريد تمزيقنا.. علمانية غير "مسيئة" لأنها ظاهرة حياة وليست فكرة مستوردة.