هل كان عليّ مهمة البحث عن النتائج، فأنا لم أكن غائبة أو مفقودة داخل زحمة الأفكار التي انهمرت على مصطلح يعتقد البعض أنه لا يحتاج إلى تعريف، لكنني في المقابل أحاول أن أرسم هويته كما اختبرتها على امتداد المساحة المتاحة إليّ، فما يجعلني أقطب حاجبي هو الاستعراض الطويل لاكتساب العلمانية ملامحها في تجارب الناس، ثم تبقى تائهة في ثقافتنا.

كنت أبحث عن هويتي قبل أن أعرف أن العلمانية ربما تصبح قدرا وسط التنوع الذي أراه أمامي، ثم حاولت الخروج من الصرامة التي فرضتها طبيعة الحديث عن تاريخ العلمانية، فلم أجد سوى صور لامتداد هذا المصطلح في حياتي... لرميه بشكل صارم وكأنه يعني الانتماء لجماعة وليس آلية للتفكير بالمجتمع او صياغة الدولة...

بالطبع سأتذكر أن كلمة "الشام الشريف" ظهرت في إحدى المداخلات... واقترنت أيضا بالمقدس الذي اعتبره أحد المحاضرين ثروة... لكن المقدس لا يمكن أن يكون مجهول الهوية، و "شرف" الشام لا يحمل العمومية، لذلك فإن العلمانية بقيت ضائعة على مساحة هويتنا نفرضها أحيانا للتباهي، ويصفعنا الآخرون بها كدلائل على الكفر.

وأنا عمليا خارج هذه التصنيفات فهل استطيع رؤية العلمانية كما يمكن أن تظهر في سورية؟! إنه نوع من محاولة "المباهاة" بالفرح الذي يمكن أن يغمرني عندما استطيع رؤية نوع من التلاقي والإصرار على إعادة استخدام المصطلح في ندوة واحدة... وهو أيضا سعي لإعادة إنتاج الثقافة خارج المقاس الشخصي لأننا قبل كل شيء تملك انتماء لـ"وطن" يريد البعض أن يكون علمانيا.

أنا من هؤلاء البعض... لكن هذا المصطلح ليس شارة أضعها على رأسي لاستفز بها الثقافة التراثية، أو أدفع بالعهر الفكري كي يصبح جلادا محاولا فرض معرفته على الآخر، فحيوية المصطلح هي التي ترافقني أينما حاولت التنقل، أو حتى جابهني أحد "ماذا تريدون" و"أنتم الغاضبون"... ما نريده هو عودة الحيوية للثقافة الاجتماعية كي تعيد لنا الألوان الحقيقية لحياتنا بدلا من العيش ما بين الأبيض والأسود...

الإجابة لا تكفي.. لكنها في العلمانية هي "التفاعل" أو "التلاقي" أو قراءة الذات، ثم محاولة البدء من جديد لأننا في النهاية لا يمكن أن نخرج من التراث بالاستفزاز وحده.