يمكن للإرهاب أن ينطلق ليصبح صورة كاملة للواقع الذي يحاصرنا شرقا وغربا، لكن هذه الظاهرة التي يسعى البعض لربطها بـ"الثقافة الإسلامية" لا تشكل صورة واحدة يقدمها شاكر العبسي في شريط مصور، فهذه "النمطية" لأشرطة الفيديو بدأت تعبر عن واقع الإرهاب المأزوم بنفسه قبل أن يكون "أداة" أو نتيجة "تحركات استخباراتية".

فشريط العبسي يزيد الأسئلة التي داهمت المجتمع مع ظهور كلمة فتح الإسلام بدلا من أن يكشف بعضا من الحقائق، وهو كغيره من التسجيلات للظواهري أو لأي من الشخصيات التي نعرفها "افتراضيا" يقدم عالمنا وفق شقين:

  الأول نعيشه وسط "الإرهاب" الذي يستهدفنا رغم انه يحارب المشروع الأمريكي.

  الثاني مجموعة من الصور والتصريحات المجهولة المصدر التي يتم عرضها وتقدم لونا من الحياة لا نعرفه، لكنها في نفس الوقت تقدم لنا أحلاما وردية وسط حجم "الأزمات" التي نعيشها.

هذه الصورة لـ"الإرهاب" وفق المصطلح الدولي لا تكتفي بالظهور بين الحين والآخر، ولكنها أيضا تشكل عمق "الخطاب" السياسي للولايات المتحدة عموما، فهي الخصم "الكلامي" للمشروع الأمريكي، في وقت يتمدد فيه المشروع عبر ظهور "الخلايا" المستيقظة الآن سواء في نهر البارد أو غيره. والمشكلة التي يطرحها هذا اللون "الإرهابي" أنه الوحيد الذي يبقى بعيدا عن مساحات الصراع السياسي، بينما تعيش المجتمعات تبعات "الحرب على الإرهاب".

بالطبع يمكن لأي محلل أن يربط تتطور الحرب على الإرهاب مع تصاعد هذه "الخلايا"، لكن السؤال الذي يمكن طرحه هو عن "دقة" المخططات التي تجند أو تؤسس لمثل هذه الخلايا؟!! فهل بالفعل همناك مجموعات يمكن "التلاعب" بها بهذا القدر؟!! وهل يمكن قراءة تجربة أفغانستان خلال الحرب ضد الاتحاد السوفيياتي وتعميمها اليوم؟!!

هذه التساؤلات هي من قبيل البحث وليس غرضها تكذيب الروايات عن فتح الإسلام، بل محاولة لتوجيه النظر إلى عمليات "الإهمال" التي سادت المراحل السابقة للثقافة الاجتماعية، ومحاولة السياسة التعامل بشكل استبدادي مع تفكير المجتمع وآلياته، فما ظهر خلال العقود الماضية هو "مخيمات" دون "ثورة فلسطينية" .... وسلطة وطنية فلسطينية دون تراث "حركة التحرير الوطني الفلسطيني"، وأحزاب يسارية أو علمانية دون مشروع تغيير اجتماعي، وأخيرا تيارات ديمقراطية دون جمهور ديمقراطي.

هذه الفوضى ترسم الواقع على مساحة من "الثقافة الميتة" وما تحمله كل التنظيمات الإرهابية الافتراضية هو نوع من إنتاج "جثامين" ثقافية يمكنها خلق الرعب وتكرار الفوضى، لكنها في المقابل تبقى صورا جامدة، لذلك فليس من المستغرب أن تصبح ضمن أي مساحة اجتماعية تملك فراغا بعد عقود من التحرك و "الفورة" لخلق المستقبل.
تصريحات العبسي وفتح الإسلام ليست خطرا بذاته لكنها تعكس صورة الخطر في غياب "ثقافة" معاصرة وفاعلة للمجتمع.