أعدني إلى الوراء دون حنين للماضي، وحاول أن ترجع بي قليلا أو كثيرا، لأنني أحاول سحق الماضي بداخلي فأفشل... فكيف أستطيع أن أقتلع الزمن الذي رحل وأمامي رجال بلون اصفرار الموت، أو حتى برائحة البخور التي نسيت أنها توحي بالغموض وأنا أحب الظهور...
في الماضي لم أكن أعشق لأنني كنت أحاول رسم مساحة الحب، واليوم أشاهد تفاصيل الحياة فأعرف أنني فوت فرصة نادرة كان بإمكاني أن استغلها بكل جوارحي... في الماضي كان من أعشقه رمزا معاصرا، واليوم فإن من يحاول تحريري "مجاهد"... وفي الماضي كان من يتحدث عن "سورية الكبرى" رجل حداثي، ومن يطرحها اليوم عمائم ضائعة في الجبال.
إنها مجرد عودة في الذاكرة لأنني أتنقل في زمن اللامعقول، حيث يصبح العشاق زاهدون، وتتحول التكايا إلى برلمانات، بينما يستطيع أي رجل الانتقال ما بين ضحايا غزة وشوارع نيويورك ثم يدعي أنه يبحث عن السلام. وأنا أيضا أتحول في قدراتي من أنثى إلى خيال لأشباه رجال فتنتهي المسائل التي كانت عنوانا لصورتي، فحريتي تتلون بمعاني البقاء خارج الزمن، أو بقدرتي على وضع النقاب لتحدي "النظام العالمي"... بينما يصبح الخيار الوحيد هو "العفة" أو "العهر"... وكأن المعاني التي ظهرت عبر قرن من الزمان يمكن اختصارها باستبداد القيم، أو إزاحة الستار عن معاني جديدة تتطاير كالرمل كلما لفح وجهي هواء ساخن.
لأنني أنثى من جديد أريد أن أدافع عن حقي خارج النقاب وربما داخله، لأنه ليس مظهرا فقط، بل هو رمز زمن لا يريد أن يرحل، فيظهر في أي تصريح سياسي أو حركة من رجل أو حتى إيماءة من أنثى... إنه الزمن الذي يتراكب مع الموت محاولا رسم الجنس على شاكلة ارتخاء اللحى أو تطاول الوجوه، ويحاول كتابة البشر على صيغة "الشاطبي"... لكنني أريد أن أشطب ما يحدث اليوم كي ترحل وجوه أشباه الرجال من حولي سواء أرادوا تحقيق ما يريدون من جبال أفغانستان أو قرروا الرحيل من نيويورك باتجاه القدس من أجل السلام...
سلام أنثى يمكن كتابته... وحياة الذكور يمكن أن تصبح لحظة بريق تحصد أرواح الكثيرين، لكنني أشاهد "الخارطة الاجتماعية" وأحاول العودة للوراء لأقارن فقط أو لأحاول معرفة ما جرى ليصبح "أشباه" البشر نجوما للتصريحات النارية المهربة إلى الفضائيات، أو ليتشكل السلام على إيقاع اللهجة الإنكليزية مهما كان مصدرها.