بغض النظر عن صحة التسجيل المنسوب إلى القاعدة الذي دعت فيه إلى "العمل" في سورية، لكنه عمليا يشكل ظاهرة لا نستطيع تجاهلها في ضوء عدد من المؤشرات التي شهدناها خلال الأعوام الماضية، لكن الأخطر فيما لو صح مثل هذا الشريط هو إضافة "القاعدة" إلى خارطة "المعارضة"!!!

هذا الأمر ربما يجعلنا نعيد قراءة الخارطة السورية على ضوء "التفكير" أو ربما "التحريض"، فالمسألة لا تتعلق اليوم بمعارضة سياسية بل بإدخالها إلى مساحة كنا نعتقد انها انتهت من حياتنا، فالحديث عن "خلايا" تكفيرية يحمل مؤشرين اثنين:
الأول – أن الاستراتيجية الأمريكية غيرت من أساليبها وذلك مع الأنباء التي تحدثت عن حل "مجموعة العمل الإيرانية – السورية" التي كلفت بالتعامل مع أزمة الولايات المتحدة مع هاتين الدولتين، وهذا الحل مع ظهور الشريط المزعوم ربما يوحي بأن هذه المجموعة أنجزت عملها، أكثر من كونها دليل على تغير السياسية الأمريكية تجاه سورية وإيران.

ثانيا – أن التقارير التي تتحدث عن العراق كمخزن بدأ يصدر "الجهاديين" إلى المنطقة ليس مجرد تسريبات إعلامية، بل أيضا قراءة "استطلاعية" لصحفيين ينجزون عملهم أكثر من عناصر المخابرات المركزية الأمريكية.

والمؤشرين يثيران القلق، وبالطبع فإننا لا ندعي أن "القاعدة" صنيعة الولايات المتحدة، رغم أن هذا الاحتمال وارد، ولكن نتائج السياسة الأمريكية كانت دائما تنتهي إلى ظهور "خلايا جديدة"، فنحن اليوم نتحدث بشكل سريع عن "فتح الإسلام" ثم "بيانات للظواهري" وأخيرا "شريط" يتوعد وفق نفس الشكل النمطي الذي اعتدناه من القاعدة... وسواء صح هذا الشريط أو كان "خدعة" لكنه في النهاية يوحي بأن "الحرب الافتراضية" التي تخوضها الولايات المتحدة في المنطقة دخل سوية جديدة.

لم تعد البيانات اليوم مقتصرة على أسماء معروفة أو على شكل بروتوكولي، فحرب البيانات التي تطورت منذ عامين خارج سورية بدأت تضم أشكالا مختلفة محاولة الإيحاء أن شكل الشرق الأوسط لم يكتمل بعد، وأن عمليات التكسير في داخله تحتاج إلى خلق "تشويش" ولو على طريقة الإنترنيت.

مع هذا التطورات التي يسمع بها الكثيرون نحتاج إلى قراءة "المعارضة" من جديد، ليس لنستثني منها "القاعدة" بل أيضا لأنها عامل يتم فرضه بـ"القوة" على معادلتنا السياسية ولو افتراضيا... إنه شان مقلق ليس على الصعيد السياسي بل الثقافي والاجتماعي بالدرجة الأولى... فهل نسأل أنفسنا من جديد عن ضرورة العلمانية.