القلق يطرق رأسي.. فأصحو من وهلة النوم وأنا خائفة والإحباط يسيطر على دواخلي.. أفتح التفاز لأهرب من هواجسي فيهاجمني فيلم عن بدء الحرب في العراق، وبطولة الإعلام الأمريكي و CNN تحديدا في تغطية الحدث.. وأي حدث.. فبعد انتهاء الغارة الأولى يدوي التصفيق من "أتلنتا" على الطرف الآخر من العالم لعظمة الإنجاز الذي حققته القناة في السبق والتغطية.

في هذه اللحظة من "الفيلم" تبدو بغداد بعين الكاميرا مهجورة.. كل ما فيها تحت الأنقاض.. خائفة مذعورة لا أصوات فيها سوى نباح الكلاب، بينما تفوح منها رائحة الموت... لكنني لم أكمل الفيلم لأن التيار الكهربائي في دمشق توقف، وواجهت العتمة والنجوم وحدي.. فازداد خوفي وبدأت بمراقبة السماء التي بدت صافية أكثر من اللازم، أو أكثر مما اعتدت علية في صخب دمشق وليلها المزدحم بالإنارة...

لم يستطع وسع الكون التخفيف من وحشة الليل أو ملامح فيلم يقبع داخلنا سواء كانت الـCNN أول من غطى قصف بغداد أو غيرها من المحطات الفضائية.. كان الإعلام يطرق عقلي تاركا الأسئلة التي تعلمناها عن "الحدث" و "الخبر" بعيدا وكأنها تنتمي لعللم آخر، فما يشغلني هي هذه المهمة التي اختصرناه بـ"الإبلاغ والإخبار"، وكأننا أمام مشاهد لا يرتبط مع العالم سوى بـ"خيوط" المشاهدة والمراقبة!!

لوهلة تذكرت تحقيقا قرأته قبل أيام عن "المياه المسرطنة في سورية".. نبش المحقق الأماكن الملوثة وحدد المناطق الأكثر خطرا وتعرضا للسرطان، ثم تركني، أو ترك الجميع هائمون في زخم المعلومة أو الخبر أو "الحقيقة" فماذا بعد!! أنرحل عن السرطان والتلون القابع في كل مكان .. أم نهرب من الإدارة الأمريكية القادمة بكل ثقل الأسلحة والذخائر.. أم من التراثيين الذين يلاحقوننا بعيون نسوتهم المتلفحات بالسوادويطاردوننا في كل الأمكنة .. أم من الإعلام الذي يغلفنا بالصور القادمة من فلسطين ولبنان والعراق، وبالتصريحات المضادة لشخصيات هزلية تهوى الشماتة وتفرح باقترابها...

أم نغلق الستار على المشهد؟؟؟

ولكن من يكمل الحكاية؟؟؟