لمجرد التذكير فإن ما يدفع للاستغراب ليس حادثة طرد صحفية خلال مؤتمر للأطباء في السعودية!!! بل طريقة ظهور الخبر على موقع العربية نت ونوعية التعليقات التي بلغت حتى كتابة هذا المقال 460 تعليقا، تتوزع بين الشماتة والمفاخرة، وبعض المحاولات التي رأت فيما حدث تخلف....

الحادثة بذاتها لا تحتاج إلى تعليق لأن الجميع يعرف نوعية الثقافة الرسمية التي تحكم المملكة، لكن الصورة الإعلامية التي جاءت استفزازية تنقل على الواقع الشكل الذي يتم رسمه، وأحلام قادة الرأي بظهور شكل مسطح عن "الأنثى" في مجتمعات بقيت بفضل الثقافة الرسمية مسفوحة على "مضارب" الرجال وأبواب الإعلام الذي استهلك كل مجالات الثقافة من الخبر ووصولا إلى الدراما.

لو أن مثل هذا الخبر ظهر قبل الثورة النفطية لأصبح مجال تندر، وربما فكرة لسيناريوهات متعددة تنتج عملا واحدا لكنه على الأقل يتجه نحونا بدل من أن يسحبنا إليه، فالثقافة منذ "الفورة النفطية" تجتذبنا بدلا من أن نتعايش معها، وتنقلنا عبر أدواتها المرئية والمسموعة (ورحم الله المكتوبة) إلى طلاسم علينا تفكيكها، فهي مجال المتناقضات باستخدامها للإثارة عبر الوجوه الحسنة، وتحريمها الحديث حول طبيعة الوجوه الحسنة، أو حتى بسلطتها الرقابية التي جعلت الأفلام الأمريكية أكثر احتشاما من الإنتاج المصري في الخمسينيات.

علينا كإناث تقديم الشكر للإعلام المطرود من مضارب آل سعود لأنه بالفعل يشكل معجزة، لا تعيدنا لعصر النبوة بل تقنعنا بأننا مازلنا نخربش على طريقة يا سامعين الصوت لكننا نرى ونسمع بوضوح، بينما كنا في الماضي نركض إلى الذكور القادمين بعد عناء يوم طويل لنسألهم عن فحوى الرسالة التي ألقاها الطبال في باحة السوق.

وعلينا كإناث التفاخر بـ"سمر رباح" لأنها مطرودة من الثقافة الرسمية ومكتوبة على أجسادنا، حتى ولو كانت التعليقات جارحة أو خارقة أو معبرة عن الكبت المزروع داخل بعض الذكور منذ أن هوت السلطنة العثمانية. فسحر ستعلق أوسمة على جسدها لأنها كانت قادرة على التحدي وعلى زرع وردة في صحراء أطباء يخشون النظر إلى أجسادهم، ويناطحون خيالات التقاليد والأعراف، وأوهام المعرفة التي حصلوها من الغرب ثم يعودون ليمارسوا شح الصحراء على الجميع.

سحر رباح شكرا لك