قبل أن تبدأوا بالهتاف ، اقرأوا علوم الاجتماع ، واقرأوا علوم القانون والحقوق ، أنظروا الى تجارب الأمم ، انظرو الى المساواة بين الرجل والمرأة كمواطنين إنسانين كاملي ألأهلية الحقوقية ، وبعدها ابدأوا بالهتاف وتحميل المرأة وضعفها العاطفي واختلالها النفسي قبل وأثناء وبعض الحيض !! اقرأوا الطب والعلوم الطبيعية والفزيولوجية والهرمونية ... انظروا الى الدنيا ... انها الدنيا أوليس كذلك ؟؟

43 قتيلة في حريق خيمة عرس في الكويت أشعلته أمرأة من فرط (غيرتها ) !!!! والأصح من فرط شعورها بالظلم والمهانة ، ومن فرط خراب تقاليد وأعراف الزواج وحقوقه وواجباته المعلن منها والمخفي .

43 قتيلة لأن للخيمة مدخل واحد حفاظا على الستر ، ليتحول الستر ( كما في حريق مدرسة البنات في السعودية منذ سنوات ) الى مصيدة ( شريفة ) للموت أو للقتل العمد .

المرأة / الضحية التي أشعلت النيران في خيمة عرس طليقها هي في الثالثة والعشرين من عمرها ، من يحزر ما هو تعليمها وما فائدته أمام هذا الحصار الثقافي الذي يجعل لها قدرا تمشي خطواته كالمسلوبة الى سجنها أو الى حبل مشنقتها ، هل أحبت زوجها لهذه الدرجة ، أم قرفت منه الى هذه الدرجة ، وكيف للأمرين أن يستويا دون هذه الثقافة .

ليس الأمر طريفا ، ولا يصنف من باب الطرافات الأجتماعية ، فحتى الطرافات تحتاج الى مساواة وقانون يحمي المساواة ، ماذا لو كانت هذه المرأة،امرأة في مجتمع يساوي حقوقيا بين الرجل والمرأة ,وقامت بنفس الفعل عندها يمكن محاسبتها ، فلاشيىء ( لا طلاق ولا غيره ) يجعل من حياتها مسدودة ويائسة الى هذه الدرجة ، فهي تستطيع العمل والخروج والحياة بما فيها التعرض لتجربة أخرى في الحب والزواج وكل شيىء ... عندها يبدو الانتقام بهذه الطريقة أو غيرها غير قابل للتبرير ... وخروج عن القانون وليس عن العادات .

من جهة أخرى لا تبدو هذه الفتاة أنها مدركة لما قد يحصل ، ففي الاساس الثقافي لها لا تبدو الحياة الانسانية كشيء مقدس أو حتى محترم ، فالعنف والقتل المتداول في منطقتنا يجعل من التفريط بالحياة أسهل من شربة الماء .

يأس هذه الفتاة وشعورها بعدم الانصاف ، وهي في مواجهة كتلة جامدة وصماء تجعلها تتصرف بغريزية ذات بعد ثقافي سلبي ، في مقابل هذه الكتلة الصماء من الفشل والاصرار على الفشل الاجتماعي والانساني .

من جهة ثالثة أصر خبراء الجنائيون في تصريحاتهم المتلفزة على انعدام وسائل الأمان ومن أهم هذه الوسائل هو وجود عدة مداخل للخيمة أو مخارج طوارىء... ولكن العادات والتقاليد التي نفخر بها ونقارع الشرق والغرب على فائدتها جعلت من السيدات المحتفلات ( ربما الشامتات أو المجاكرات للمتهمة ) وأطفالهن رهن محبس النار والمدخل الواحد ( ربما الأمر كان لا يحتاج الى خيمة بالأساس ) لنصنع كارثة حقيقية كنتيجة مباشرة للثقافة السلبية هذه .

43 جثة بينهم أطفال ( هناك 13 حالة حرجة في المستشفيات عدا عن المصابين أي المشوهين حكما ) ضحية لثقافة أستهلاك المرأة والحفاظ عليها ، هل نستطيع جرد المصائب التي سوف تأتي من غياب هذا العدد من الأمهات أو الحبيبات أو الأخوات ؟

الفتاة المتهمة بإشعال الحريق ،هي ضحية ثقافة ، تماما كما السيدات اللواتي فقدن حياتهن ، ولا أقول أن الحوادث لا تحدث خارج هذا الشرط الثقافي المتخلف ، ولكن هناك فارق كبير بين أن تعرف مسبقا بالاسباب ولا تتجاوزها ، وبين الحادث المفاجىء الذي يأتي نتيجة طفرات الحياة وأخطاؤها .