بدأت بها وربما من الصعب التحرك بعيدا عنها، فهي لا تشكل الرمز فقط بل أيضا نقطة العري التي نقف دونها فنتحول عند أبواب القدس إلى طيف لبشر، بينما يستعيد التاريخ موقعه، أو تظهر "الأساطير وكأنها القناعات التي علينا أن نصدقها وسط الألم، فكيف يمكن أن نفكر على "هامش" المقدس أو في زحمة "الاستنكار" بينما يبقى الجميع قادرون على استخدام مقدساتهم في أي لحظة يريدونها!!!
بوابات القدس لم تغلق والمسجد الأقصى ليس مسجدا، وقبة الصخرة لا تحمل أي مجاز، وكنيسة القيامة اسم عابر، وربما سنصل في النهاية لمرحلة التجرد والانتماء إلى "ملكوت الظل" الذي يرسم لنا أطيافا، وتشكلنا الدنيا أشباحا تنطلق وراء "القرارات السياسية" أو مبادرات "العفو عند المقدرة"، لكن الذاكرة هي وحدها القادرة على استرجاع كل مفاصل الحياة، وهي أيضا الخيط الوحيد المتبقي في "ظلام" البحث عن بقعة ضوء.
وعندما تبدأ المواجهة نستعيد بعضا من صورنا الإنسانية، رغم أن الحلم أصبح بعيدا ولكن على الأقل من منا قادر على التمسك بحلمه وبهويته وبقدرته على التوقف لحظة في وسط القدس، ليتعرف من جديد على روح المدينة، فما الذي سيبقى عندما تنتهي الأحياء أو نفقد "العمران" الذي كون عبر الزمن ملامح "إنسانيتنا" أو "مواطنتينا" التي ظهرت مثل ومضة ثم غابت على إيقاع "الرباعية الدولية"؟!
إنه سؤال المدنية... فهناك "بشر بلا مدن.... يرتحلون دون تاريخ أو دون زمن، فالقدس ليست أول القبلتين لأنها أيضا سجل إنساني يتم اليوم إعادة إنتاجه على سياق عقدة "المسادا" اليهودية... وعلى طريقة التوقف البدوي للحظة ثم الانتقال إلى مكان جديد لا يحمل أي ذاكرة، وربما غير قادر على استيعاب البشر.....
كل اللحظات أصبحت متشابهة، فعندما يرتفع كنيس فإننا ننهار نحو "الإسرائيليات" و "المرويات" ونحو صورة الجدائل التي لا تختلف عن الغبار الذي يظهر لـ"قادة التطرف" سواء في الكنيست أو في "قندهار"... هي صورة واحدة لمحاولة تحويل المدن إلى "مضارب" للبدو...