المسألة ليست في بنود قانون النشر الإلكتروني، أو في اعتبارات تفرض أحيانا تسجيل المؤسسات، فالقانون السوري عموما يمكن أن يستوعب كل حالات المخالفات دون ضرورة ظهور قانون خاص لا يحمل في فحواه سوى إجراءات إدارية إضافية بينما تحوى نصوص القانون الموجود أساسا تفاصيل قادرة على التعامل مع أي خروق أو تجاوزات.
بالطبع فإن مهنة الإعلام التي تُصنف أحيانا من "سوية المهن العليا" تفترض في كثير من الأحيان التعامل بحساسية معها، وهي أيضا يترتب عنها نتائج قد تتجاوز حدود المخالفات العادية، لكن مثل هذه المواضيع تدخل في معظم دول العالم ضمن حدود "العمل النقابي" أكثر من كونها مهاما رسمية يصدر عنها قوانين وإجراءات تعقد العملية الإعلامية.
في المقابل فإن مسألة النشر الإلكتروني تحمل في ذاتها معادلة لا تبدو ضد القانون بل معاكسة للاتجاهات التقليدية في عملية الاتصال، وهو ما يفترض التعامل معها وفق إطار ثقافي قبل اتخاذ أي إجراءات قانونية، ففي معادلة الاتصال التقليدية هناك نمط واحد وربما جهة واحدة تقدم رسالتها، بينما في حالة الـ(new media) فنحن أمام حالة تفاعلية تفقد في كثير من الأحيان اتجاه المصدر أو الجمهور، وفي الإعلام الحديث (twitter كمثال) لا يمكن وضع عملية الاتصال ضمن إطار تقليدي، هذا عدا عن مجموع المدونات أو طرق "الدردشة" أو غيرها من التواصل.
وربما بنظرة سريعة على العالم الافتراضي العربي يتضح مدى الخلل الذي نعانيه في هذا الإطار، فإذا كانت الحياة في العالم بكل تفاصيلها لها وجه افتراضي، فإنها في "الثقافة العربية" تبقى مجرد محاولات تحتاج للمتابعة أكثر من كونها "نشر إلكتروني" يتطلب قوانين ناظمة، فعندما نبحث عن "المدونة العربية" فإن علينا بالفعل التعامل مع "التفاوت" أو الفجوة التي ستتسع طالما أننا قادرون على إنجاز قوانين لن تقدم إلا إجراءات إدارية ترغم الكثيرين على التوقف أو الاكتفاء بمدونات فردية لا تكفي لتجاوز الفارق الذي يظهر يوميا داخل العالم الذي يتواصل باستمرار.
هو ليس مجرد قانون بل مسار تفكير ثقافي مازال يرى الإعلام في صيغه النمطية، ويتجاوز التشكيل الجديد الذي جعل من المجتمع بأكمله "مصدرا" يقدم مادة تتجدد في كل لحظة.