الجميع توقف عند "المياه الدولية" ربما لأنه مصطلح يحمل الكثير من الحرية دون التدخل بمواضيع مثل "السيادة الدولية"، فمثل تلك السيادة يمكن تفسيرها كما نريد، او كما يريدون، أو حتى على منطق الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما فسر العقوبات على سورية بأنها "تهدد الأمن القومي الأمريكي"، فمسألة "السيادة" وفق "رؤية" ما حدث لأسطول الحرية تشكل نوعا من "التلذذ" بالاغتصاب، وربما ستسير في مساحة العالم نوعا من "البشرى" فموضوع غزة يتصلب فوق الوجوه، وعندما يتم الاغتصاب فإن المليارات التي وعد بها مواطنو غزة ستظهر كشاهد على "متعة" البعض بما حصل، وستكون أيضا لونا يسير بنا إلى ألوان مختلفة من الحرية.
ومع أخبار "المياه الدولية" سينشط "السياسيون" الذين يباشرون صباحهم بنوع من اليقظة التي لا تحمل القلق، فعندما يستيقظ أحدهم في أريحا فإنه سيشعر بارتياح لأن أحدهم تولى مسؤولية عنه، وأصبحت غزة خارج مساحة وجهه حتى لو نطق صوته بدعوات الوحدة أو باجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية، فحادثة الاغتصاب نفسها تقدم له "لذة" التبرؤ من الحدث، ومن التوقف لحظة لرؤية شكل الحرية الموجودة في "المياه الإقليمية"، وربما سيحمل معه بعضا من الكلمات التي يجعلها مرادفة للتفاوض، ففي عرض البحر هناك "مساحة الأزمة" وهناك أيضا الصورة الأخيرة لحل الدولتين.
في غزة المحاصرة قناعات تصبح أكبر من مساحتها، لأنها تحمل كل الوجوه التي رحلت ثم استطونت في العالم، وربما في أشكال الحرية التي بدت مهددة ليس في غزة فقط، بل لأن السياسة على ما يبدو لم تعد قادرة على خسارة "اللذة" في الاغتصاب، او التخلي عن متعة "مشاهدة" الدم الذي يبدو وكأنه مرافق للصور التي لم تبدأ في آخر حرب على غزة، بل انطلقت عندما غدت الحرية "امتيازا" يمنحه "مجلس الأمن" لمن يشاء ويمنعها عمن يريد.
غزة تشكل صوتها من "المياه الدولية"، وتكون نبرة التحدي من المساحة الأكبر للحرية التي على ما يبدو قادرة على تجاوز "الأزمة" وكسر النمط الذي يُراد له ان يكون لغزة، فأسطول الحرية بمساعداته يبني الرمز الآخر للحرية، حيث لا تماثيل خاصة أو "قيما" يتم توزيعها في ذروة الاعتداء، ولا تصريحات حول ممانعة واعتدال، ففي المياه الإقليمية تصبح غزة للجميع وتبتعد الحرية عن مفهوم "العطايا" التي يقدمها "الأمين العام" للأمم المتحدة، ثم تعود إلى شرق متعب من تكرار اغتصابه أو من تلذذ البعض بمشاهدة ما يحدث.
عندما تتوقف التغطية الإعلامية لأسطول الحرية سيبدأ الحديث من جديد عن قافلة جديدة، وربما ستنسحب السياسة نحو "المفاوضات غير المباشرة"، لكن الحرية تبقى كما هي، واغتصابها سيتكرر في عرض البحر أو على أي نقطة من فلسطين التي تبدو اليوم صورة لحرية منتشرة.