كيف يمكن للمقاومة أن تكون خطا أحمر في ظل التعامل المغلق معها، سواء في "حصار غزة" أو حتى في مسائل "الحصار السياسي" الذي يتم فرضه على حزب الله، فمسألة "الخط الأحمر" تبدو "حدا استراتيجيا" يمكن أن يشعل حربا، في وقت لم تظهر فيه بوادر حقيقية عندما بدأت عملية "تصفية المقاومة" سواء في عام 2006 أو 2008؟
أسئلة المقاومة ربما تتعدد لأنها تجاوزت كونها حركات معنية بقضيتها فقط، فالتأثيرات السياسية لم تعد مقتصرة على نتائج الحروب، وهي في الشرق الأوسط المنتقل من كونه جديدا إلى مرحلة "ما بعد" الجديد تصبح المقاومة نوعا من "نمذجة" العمل مع الأزمات، وعلى ما يبدو أن مسألة الخط الأحمر عالقة بين عاملين:
الأول هو علاقة المقاومة بالتحولات التي يمكن أن تصيب بنية الشرق الأوسط كنتيجة مباشرة لفرض معادلتها على الصراع العربي - الإسرائيلي، وهو أمر يضع مناطق مبهمة في مسائل المصالحة العربية على سبيل المثال، لأنها تكون عاملا ضاغطا على خط التسوية، بينما تقدم هامش تحرك للدول التي ماتزال تبحث عن ظروف تفاوض وفق مفهوم "السلام الشامل"، وما بين طرفي المعادلة العربية تبدو المقاومة كخيار أو تيارات وكانها طريق ثالث يصعب على الدول أن تسير به وفق شرطه الحالي، لأنه يشكل المعادلة الأصعب في تاريخ الصراع لأنه يبدأ من نقطة مستقلة خارج دائرة معظم "الإجراءات" التي حدثت على طول خط الصراع سواء كانت حربا أو اتفاقيات سلام أو حتى قرارات دولية.
الثاني طبيعة المقاومة كحالة استثنائية في المسار السياسي، فهناك حسم واضح تجاه "إسرائيل" عبر المبادرة العربية، وعدم توفر "الشرط الإسرائيلي" الذي يفرض التسوية هو العنوان الذي يتم عبره التساهل مع مسألة المقاومة سياسيا على الأقل، لكن هذه الحالة الاستثنائية لا تملك أساسا حقيقيا أو ربما شرعية داخل المقاومة نفسها، لأنها تريد "فرض شرطها السياسي" بعيدا عن حالة التسوية، وفي المقابل هناك جملة من الشكوك حول كونها بهذا الاعتراف المسبق بـ"إسرائيل" حتى ولو حمل شروطا وضعتها القمة العربية في بيروت التي أطلقت مبادرتها.
وفق العاملين السابقين يبدو "الخط الأحمر" أوسع من مجرد ارتباطه بجبهة معينة، لأنه يقدم تصورا استراتيجيا لمستقبل الصراع أو حتى للعلاقات الداخلية في الشرق الأوسط، لكن المهم ان هذا الخط يقحم الجميع في بؤرة التوتر، فهو يجعلهم قادرين على معاينة النتائج المباشرة التي يمكن أن تظهر فيما لو نجح "النموذج" المقاوم أو انحسر نتيجة الضغوط، فهذا الخط الأحمر سبب الانقسام السياسي الحاد قبل وبعد حرب تموز، وهو يمكن أن يخلق نقطة الانتقال بين زمنين، أو حتى بين تطويع الأزمات أو الدخول في حلها بدلا من انتظار التطورات الدولية.