انتهى مهرجان دمشق المسرحي كما ابتدأ، بلطافة وود دون ضجيج يذكر ولا حضور مبهر، إلا في الخطب الافتتاحية والاختتامية وبعض المقالات المتناثرة هنا وهناك التي وعدت أن المسرح سوف ينقذ العالم، ما يفتح بوابة السؤال عن وضعنا نحن... هل نحن من هذا العالم ؟

لا أريد القول عبر التعميم أنه ليس هناك من يتعب ويشقى في المسرح، بل هناك الكثيرون، وهم نفسهم من المتحسرين على مآل جهودهم ومآل إليه المسرح ككل، ولكن المسألة لا تتوقف عند محبي صناعة المسرح وجهودهم الجبارة، بل تتعلق تحديد بالمشاهد وهنا الطامة الكبرى، فالمسرح خشبة زائد جمهو ، فعلى الرغم من أن الخشبة ليست متوفرة بكثرة في بلادنا ولكنه كثرتها أو تكثيرها لا يعد بشيء عليه القيمة، أي لو كان في دمشق ذات الخمسة ملايين نسمة مئة مسرح لكانت النتيجة ذاتها فريادة المسرح أصبحت من النوافل ليس لإنه لا يوجد خدمة أو دعم حقيقي للمسرح، بل لإن المسرح نفسه أدبا و تمثيلا غير متوفر في العقلية الإجتماعية، وما الأسباب التي يمكن سردها عن حال المسرح المتواضعة إلا نتائج لهذه الذهنية المحكومة بعدد كبير من المعيقات التي تؤثر في الأداء الإجتماعي نحوه، ولنا في كرة القدم مثال واضح ويثير الإستغراب، فمباراة كرة القدم هي مسرحية مكتملة الأركان من نواحي الأداء والجمهور والدراما وهناك جمهور يذهب اليها أو يتابعها تلفزيونيا بشكلها الحي أي أن هناك مسرحة في ممارسة المشاهدة فالمباراة التي تبث معادة تفقد طعمها، كما أن المشاهدين يدفعون مبالغ كبيرة من أجل إستلام البث، إذا كيف سينقذ المسرح العالم، هل عن طريق كرة القدم وهذا معطى جيد إذ يمكن تحويل أموال المسرح لدعم كرة القدم علنا نحصل على مسرح يتقبله المشاهد دون المرور في تعقيدات التنظير للمسرح الذي على ما يبدو لما يزل في مرحلة مخاض عسيرة بدأت منذ الخمسينيات ولا تعد بولادة سليمة لفعالية شعبية من المفترض أنها ضرورية للعيش المعاصر .

من الطرف الموازي لا يزال متابعي المسرح من النقاد والصحفيين يمارسون عملهم على أساس أن هناك أزمة مسرحية أو المسرح في أزمة !! ولكن المسألة في حقيقتها أن مهرجان المسرح حضر ورحل دون أي إنتباه إجتماعي أو اهتمام متبادل بين المسرح والناس ، ولا أدري أين هي الأزمة ولا أعتقد أن أحد في هذه البلاد يستطيع أن يشير أو يعين ألأزمة أ ويحددها، وهل هي أزمة خاصة بالمسرح أم أزمة تطال كل مايقدم على الخشبة من عروض؟

المسرح لن ينقذ العالم، ربما الفن يفعل ذلك ولكن ليس المسرح بمفرده أو بمشاركة بعض الفن، كما أن هناك أزمة عضوية تجاه تناول الفن برمته وليست قضية أزمة مسرح أو غيره، لقد مات المسرح وعلينا تدبر الأمر فليس نهاية العالم أن يموت المسرح أو السينما، ولكنها نهايتنا إذا لم نستطع تدبر الأمر، فالمجتمعات لا تستطيع الاستمرار على (الأكل والشرب) فقط فنوعيتهما يحددها الفن. وهنا بيت القصيد في حالات التقدم على رتل أم على نسق، فالمسرح ليس فنا قائما بذاته (إلا من الناحية الدرسية التشريحية) ولكنه جزء من مجموعة متناسقة ومتعاضدة، إما أن يقبل بها المجتمع ويعتمدها، أو يرفضها لإن إعتماد الجزئي لن يؤدي الا الى ضمور المجموعة، وبالتالي سوف نعود الى المربع الأول وندعي أن المسرح سوف ينقذ العالم لولا أزمته الحالية المؤقتة !!!!.