الكاتب : نجيب نصير

في مقارنة فجة أجراها أكثر من مهتم بين موقف جورج كلوني في السودان وموقف فنانينا المحليين تجاه قضايا أساسية في حياتنا كموقف جمال سليمان واستقالته كسفير للأمم المتحد ة ، وكذلك موقف دريد لحام وغيرهم كثر ، يطلب هؤلاء المهتمون جدا من الممثل الأميركي الشهير جورج كلوني ( طبعا دون أن يكلموه أو يروه ) أن يكف عن الدور المشبوه الذي تقوم به جمعيته الخيرية في جنوب السودان الذي أنقسم عن شمال السودان بمؤامرة خارجية طبعا والدليل على ذلك الاستفتاء الذي جرى وزورت نتائجه أسوة بكل الانتخابات العربية والعالم ثالثية ، ولكن تدخل جورج كلوني( المشبوه ) و الشعرة التي قصمت ظهر البعير!!!

طبعا لا أعرف بدقة ماذا يفعل جورج كلوني في السودان ، كما إني لا أعرف أهداف جمعيته الخيرية التي ساهمت أو تساهم في مساعدة ما لا أعرف ماهيتها وأشك بأن (المهتمين) يعرفون ، كل الذي أعرفه أن جمعية جورج كلوني بالتعاون مع غوغل لديهم مشروع برصد حوادث العنف اذا حصلت في السودان وفي جنوبه تحديدا لتحديد من المسؤول عن العنف الناتج أو من المسبب أو البادئ الخ . وهكذا أصبح لجورج كلوني الممثل الأمريكي دورا لا يبدو شريفا ولكنه (مؤثرا جدا) في انفصال جنوب السودان، هذا الدور الخطير ألذي تكاتفت معه أشياء جانبية تافهة مثل الاستفتاء ومقررات مؤتمر نيفاشا ، والحروب الأهلية المديدة التي حاقت به، ومطالبات الإنصاف التي طالب بها الجنوب، كلها أشياء جانبية ، ولكن كلوني الشرير لم يتعظ بمواقف فنانين أمثاله من بلدنا وأكتشف خبث الاستعمار ومكره ، وذهب باتجاه معاكس لمصالح الشعب السوداني الذي قسموه (رغما عنه) ومن دون أية مسؤولية تقع على عاتق أهله ودولته فما هؤلاء الا ضحايا للمكر الكلوني المدعوم بسفن الفضاء المجرمة .

تبدو المسألة فكاهة مريرة ، فما قام به فنانونا المحليون هو واجب عليهم تجاه أنفسهم، فما الواجب الذي يقع على عاتق جورج كلوني سوى ما يرتأي هو بناء على ما يرى ويسمع ويشاهد؟ ككائن سريالي يعيش في أزمنة مختلفة عن أزمنتنا نحن سكان العالم الثالث ؟

لقد دفع السودانيون ثمن بطيء التنمية، أو انعدامها على الرغم من غنى هذا البلد بكل شيء، أي أنه لم يحتمل أن يسدد استحقاقات أي نوع من أنواع الحداثة سوى حداثة استخراج البترول بواسطة شركات أجنبية، وهذا غير ذلك؟ فهذا البلد الذي يعتبر مطعم أفريقيا تجتاحه المجاعة والغلاء بشكل دائم، وهل لجورج كلوني علاقة بذلك؟
في مؤتمر نيفاشا قرع جرس إنذار قوي، أن السودانيون يحتاجون إلى التنمية وخصوصا السياسية أي الحقوقية منها، ولم يتغير شيء خلال خمس سنوات وهي مدة زمنية هائلة بمقاييس العصر الحديث الذي يعيش فيه جورج كلوني، حيث تحولت هذه المدة الزمنية الى مساعد على الانفصال وليس رفضه.

في المقام الأخير كل السودانيون سعداء بالانفصال وكل تصريحاتهم العليا من مسؤولين وسياسيين شمالا وجنوبا تقول ذلك ، فلماذا علينا نحن رفض انفصال جنوب السودان وإدانته وتحميل جورج كلوني وزره...؟