الكاتب : نضال الخضري

في الوجه الليبي ذكور ينتشرون على امتداد الرمال... يحاولون خلق عالم مختلف لهم وربما لإناث قابعات في مدن مختلفة ينتظرن "حسما" لمعركة كان من الممكن أن تبدأ بوجودهن، لكن "الوضع الليبي" ربما شكل واقعا آخر من اللحظة التي بدأ الرصاص ينهمر من كل اتجاه وأصبحت الصورة مختلفة، وانتقلنا من "ثورة الكل" باتجاه النموذج التقليدي لحروب التحرير.

لكن المسألة لا تدفع للتشاؤم طالما أن إمكانية البحث عما هو جديد يدفع رجال ليبيا لخوض معركة لم تعرفها الأجيال السابقة، فهي تحمل معها شكلا مختلفا من التحدي قد لا يسير باتجاه دروب "الإناث"، لكنه في النهاية سيفتح أفقا يمكن يترك ملامح جديدة بعد ان سئمنا المظهر النسوي الذي يقف خلف الرئيس الليبي، فلا يدفعنا للدهشة ولا حتى للتفكير بأن ما نشاهده هو وجه آخر لإناث ليبيا، ففي تشكيل السلطة على الأقل هناك نسيج معطل يمنحنا المشهد فقط، لكنه يبقى بعيدا عن "غضب الحياة" أو تحركها نحو عقولنا.

ربما تبقى الصورة الأنثوية الوحيدة التي بقيت في الذاكرة هي عندما اكتشفنا أن الرئيس الليبي لديه في مجموعه أولاده بنت ظهرت فجأة على التلفاز واختفت بنفس الطريقة دون أن نعرف لماذا وكيف، فهي كانت معنية بنفي أخبار فقط، في وقت لم تعد صورة الرئيس الليبي محاطة حماية أمنية من النساء، فهل فقد الثقة بهن؟ أم ان التحول دفعه نحو تفكيره الأساسي كذكر قادر على تشكيل عالم إناث كما يريد؟

هو بالفعل يريد تشكيل عالم على سياق السلطة التي ابتكرها، وحاول فيها معاكسة تاريخ الدولة، موجدا "عقدا اجتماعيا" لم يخلف سوى صورا مشوهة، وتناثرت الإناث داخل هذا العالم الذي لا نستطيع تشخيصه إلا بأنه انعكاس لشخصية "الزعيم" الذي يعشق ما هو غير مألوف حتى في مسألة رسم وجوه الإناث حوله وكأنهن علامة فارقة على تميزه بـ"راهبات ثوريات" لم نحظ بكلام حقيقي منهن عن تلك التجربة التي ابتدعها معمر القذافي.

أهدت الثورات لنا ملامح مختلفة، وطبعت على أجسادنا خارطة لعالم متباين لكنه يجتمع على نقطة واحدة: شغف الحياة دون تكرار، وتحت هذا العنوان أصبحت الأنثى جزء من هذا الشغف الذي لم نرصده بعد، فالاناث والرجال في الثورة مشغولون بنفس المهمة، وعندما يسير الحدث في الاتجاه الجديد سنكتشف أننا أمام ثروة علينا نبشها بدءا من "السلطة" التي جمعت الإناث في نقطة معينة وخلقت لهن قضايا تتباين ما بين "قضايا التحرش" و "الراهبات الثوريات" وانتهاء بخلافات حول "زي المرأة" و شرعية النقاب من عدمه، ونكتشف أن المساحة اختلطت اليوم فلم يعد بالإمكان رسم الصورة، حتى في ليبيا، دون نسف تلك النقاط التي كنا نرى أنفسنا من خلالها، أو كان الذكور يعتبرونها قضايا حيوية، ولو عن حسن نية، فشرعية الثورة دفعتنا إلى عالم يحمل قضايا مختلفة ورؤية تجدد نفسها تجاه الإناث والذكور.. تجاه المجتمع.