الكاتب : مازن بلال

في موسم الدراما الرمضانية اعتقدنا أن النجوم يحركون الساحة، فهناك كتاب سيناريو وممثلين ونقاد قدموا حالة على يبدو أنه تشكل وهما ثقافيا يمكن أن ينزاح في لحظات، فإذا كان الوضع في مصر هو انقسام في الوسط الفني حيث ظهر عدد كبير من الفنانين وكأنهم "حكماء"، لكن في سورية يبدو أنه لا يوج "حكماء" أو متهورين" أو تيار آخر يملك رؤيا.

عمليا فإن إبصال الساحة إلى "شهود عيان" لا أريد التشكيك بهم، وضعنا أمام حالة انحسار الوسط الثقافي، أو تمركزه خارج دائرة الحدث، وبالتأكيد ليس مطلوبا من أي طرف أن ينحاز لموقف سياسي، بل أن يظهر في موقف ثقافي على الأقل أو يثبت أن الظاهرة الدرامية، وهي الأقوى ثقافيا، قادرة على التأثير في المساحة الاجتماعية، فنحن أمام ظاهرة لا تعبر عن "انقسام" الشارع السوري حسب بعض الفضائيات، بل زمن مختلف شهدت سورية فيه أحداثا أقلقت الناس، فدون البحث في الشأن الداخلي علينا التأكيد أن هناك مرحلة نتجاوزها اليوم لا تشبه مراحل سابقة، ولا يمكن أن تبقى بعيدة عن القلق الفني والإبداعي مهما كان نوعه.

شهود الأعيان أصبحوا أبطالا إضافة لمجموعة من الإعلاميين "حائرين" أمام دفق المعلومات القادمة عبر التويتر والفيس بوك والفضائيات، وغير قادرين بحكم الظروف على التنقل ما بين منطقة وأخرى، وربما أظهر هذا الوضع ضعف "الدعم اللوجستي" بالنسبة للصحفيين السوريين أو حتى المراسلين، فكل المعلومات القادمة سواء من جهات رسمية أو من "شهود العيان" أو حتى التصريحات التي تبثها الفضائيات لا يمكن التحقيق فيها والتحقق منها، فكلما تسارع الحدث زادت إشارات الاستفهام.

في العالم غالبا ما يشكل الإعلاميون والمثقفون "متحدا" (community) لا يتبادلون فيه المعلومات بل يشكلون داعما لهم في تغطياتهم من أجل أداء سليم، أما المثقفون فمن المفترض أنهم المؤثرون على سير العملية سواء كانت إعلامية أو ثقافية، فكم من النخب شاهدناها على الفضائيات، أو كم من الآراء التي سمعناها منهم تحديدا!!! هم لم يعلقوا على الثورة المصرية أو التونسية وهذا أمر يمكن تجاوزه لكن غيابهم عن الساحة اليوم مقلق جدا، فهم بالتأكيد ليسوا خائفين لأن أحدا لن يتعرض لهم لا من الجهات الرسمية ولا من الناس، لكنهم وفق مؤشرات فقط لا يملكون ما يقولون وهو أخطر ما يحدث.

المدونون كان أجرأ... خافوا على البلد من فتنة طائفية، وانتقلوا من مكان إلى آخر وذلك بغض النظر عن مواقفهم السياسية، لكنهم بالتأكيد قدموا رؤية قد نختلف معها أو نتفق، لكنهم تحركوا على الأقل، وحرص الكثيرين منهم على سلامة البلد والمجتمع كان واضحا في كتاباتهم أو نشاطهم.

كل ما حدث في سورية ليس مقلقا في العناوين العريضة، لكن ما يدعو للقلق الفعلي هو انحسار النخب الثقافية في زاوية واحدة وكأنها غير موجودة في خارطة القوى الاجتماعية، ومرة الأخرى المسألة ليس مواقف سياسية بل إعلام أو رسالة بأن هذه النخب موجودة وليست مجرد بريستيج في حفلات التكريم، فمن لا يظهر في ساعة الأزمات، ومجددا بغض النظر عن موقفه، فهو بعيد بالفعل عن الثقافة والمجتمع.