بدت الحلول الدبلوماسية بشأن الموضوع السوري ضمن مشهد يسعى لزيادة التأزم، فالرهانات في مجلس الأمن بقيت ضمن إطار الرفض لإمكانية أي تسوية وذلك مع التصريحات الفرنسية بأن مشروع القرار الروسي "ليس واقعيا"، في وقت جدد فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما نيته زيادة الضغوط على دمشق وذلك بعد لقائه الملك الأردني عبد الله الثاني.
وفي وقت رفض فيه سورية الاقتراح القطري فإن ردود الأفعال والتصريحات العربية على الأقل خلقت مناخا ربما سيخيم على اجتماع مجلس الجامعة العربية مطلع الأسبوع القادم، وحسب مصدر في الجامعة فإن مسألة التوصل لتوافق حول إرسال قوات عربية يبدو مستحيلا، لكنه زاد من التناقض في المواقف، وبين المصدر لسورية الغد أن الاقتراح بذاته زاد من تعقيدات البحث في مهمة المراقبين لأنه حكم عليها بالفشل وذلك قبل النظر في التقرير الذي سيرفع للجامعة من قبل رئيس البعثة.
وتتباين الأجواء في الجامعة حول مسألة التعامل مع الملف السوري وسط خيارات متناقضة، فالاقتراح القطري تقنيا يبدو صعب التحقيق على الأخص أن إرسال قوات يعني في النهاية التصادم مع الجيش السوري وهو ما أكد عليه البيان الصادر عن وزارة الخارجية السورية، أما سياسيا فهو يعني حربا عسكرية ضد السلطة السياسية دون وجود شرعية أخرى مما سيدفع الأمور باتجاه تدخل خارجي مباشر، لكن الاقتراح في نفس الوقت يكشف نوعية التوجهات التي تحكم كتلة عربية بذاتها تجاه دمشق، فدون إسقاط النظام بسورية لا يمكن التحكم بأمرين أساسيين:
  أولا الحد من الدور الإيراني وبالتالي إعادة بعض الأدوار الكلاسيكية وعلى رأسها الدور السعودي الذي تقلص بشكل واضح على الساحة الدولية لصالح دول هامشية مثل قطر.
  الثاني ضمان استمرار ح-دود التوازن داخل الشرق الأوسط بعد ما يسمى "الربيع العربي"، لأن الموقع المصري مازال غير واضح رغم التحالفات القائمة حاليا ما بين الجيش المصر والأخوان والولايات المتحدة.
وتربط عدد من التقارير بين الاجتماع الذي سيعقد في الجامعة العربية الأسبوع المقبل وبين المباحثات التي يجريها بعض القادة العرب في واشنطن، فالمواقف المعلنة للولايات المتحدة ضد سورية وعلى الأخص أمام قادة من دول الجوار الجغرافي لسورية تقدم مؤشرات كثيرة حول نوعية التصعيد، حيث أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن نيته في مواصلة الجهود اللازمة لممارسة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد بهدف ارغامه على التنحي عن الحكم. وقال أوباما عقب لقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض أمس 17 كانون الثاني إن أعمال العنف في سورية وصلت إلى "مستويات غير مقبولة"، مجددا دعوته للرئيس الأسد وحكومته بالتنحي عن السلطة. وأوضح أوباما "لا نزال نرى مستويات غير مقبولة من العنف في سورية وسنواصل مشاوراتنا عن كثب مع الأردن لزيادة الضغوط الدولية وتهيئة المناخ لتشجيع الرئيس السوري على التنحي عن السلطة". وأشاد اوباما بالعاهل الاردني مذكرا بأنه كان الزعيم العربي الاول الذي دعى الرئيس السوري إلى التنحي عن السلطة.
وكان الملك الأردني عبد الله الثاني عبر في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية نشرت اليوم الثلاثاء، عن عدم توقعه بحدوث تغيير في الوضع الراهن بسورية إلا في حال تدخل المجتمع الدولي بشكل أكبر، قائلا: "سنبقى نشاهد العنف والتظاهرات والنزاع في سورية حاليا. لا أرى أي شيء سيغير ما نراه إلا في حال تغير الوضع بشكل غير متوقع بحيث يتدخل المجتمع الدولي بشكل أكبر". وأضاف إن الأردن يدعم إجماعا عربيا "لكننا في الوقت عينه نقول دائما إن لدينا سياسة عدم التدخل".
ويبدو الموقف على الجناح الآخر مختلفا كليا حيث اعلن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي في مؤتمره الصحفي السنوي الختامي، ان روسيا لا تخرق القوانين الدولية في مجال التعاون العسكري التقني مع سورية.
وقال لافروف "فيما يتعلق بتصريحات سوزان رايس (مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الامم المتحدة) التي تعبر عن القلق من ان السفينة "شاريوت" كما اعتقد، وعلى متنها شحنة روسية، فرغت حمولتها في ميناء سوري، حتى سمعت انها طلبت توضيحات معينة. ونحن لا نرى هناك ضرورة للتوضيحات والتبريرات، لاننا لم نخرق ايا من الاتفاقيات الدولية، وايا من قرارات مجلس الامن الدولي، وان تجارتنا مع سورية تقتصر على ما لا يحظره القانون الدولي".
واضاف الوزير ان "العقوبات الانفرادية، التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وبعض البلدان، لا يمكن ان نعتبرها قانونية بالنسبة للاجراءات، التي تتخذها روسيا".
كما يرى لافروف انه لا يجوز توريد السلاح الى المسلحين والمتطرفين في سورية. وقال انه "من المعروف، ولم يقدم اي فرد على دحض ذلك، ان سلاحا يورد الى المسلحين والمتطرفين في سورية، الذين يحاولون استغلال الاحتجاجات للاستيلاء على السلطة بالقوة كحد ادنى، ابتداء من بعض الاقضية والمدن السورية".
واكد لافروف ان هذا مرفوض. واضاف الوزير ان "هذا مرفوض، ومضر بشكل مطلق، لانه لا يؤدي الا الى تصعيد العنف، بينما نحن ندعو الى وقف كافة اشكال العنف في سورية مهما كان مصدرها".