سيتم نقل شحنة من الأسلحة الكيميائية السورية غدا الى جيويا تورو [1] (كالابريا) من السفينة الدانماركية ’آرك فوتورا’ الى السفينة الأمريكية ’كاب راي’. إنه الشحن الأخير الذي تنهي به سورية نزع الأسلحة الكيميائية، بإشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وبهذا وفت دمشق بالتزامها الذي يستوجبه اتفاق تم بوساطة من موسكو، حصلت مقابله على وعد من واشنطن بعدم الهجوم على سورية.

من شأن نقل الأسلحة الكيميائية السورية وتدميرها اللاحق -تقول وزيرة الخارجية موغريني- "أن يفتح سيناريوهات مستقبلية تتعلق بنزع السلاح وعدم انتشاره في المنطقة". وتسكت عن حقيقة مفادها أنه في حين تخلت سورية عن الأسلحة الكيميائية، بنت إسرائيل ترسانة كيميائية متطورة، تبقى سرية، لأن اسرائيل وقعت على اتفاقية الأسلحة الكيميائية ولكنها لم تصدّق عليها. كما فعلت مع ترسانتها النووية، التي تظل سرية، لأن إسرائيل لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

وتلتزم موغريني -على وجه الخصوص- الصمت تجاه الطريقة التي تساهم بها الولايات المتحدة في "نزع السلاح" من المنطقة، ففي الوقت الذي تنتهي فيه دمشق من التخلي عن السلاح الكيميائي، مبدية استعدادها للتفاوض، يطلب الرئيس أوباما من الكونغرس 500 مليون دولار من اجل تسليح وتدريب "أعضاء تحت سيطرة المعارضة السورية". مثلما هو الامر بالنسبة الى هؤلاء الذين هم في غالبيتهم غير سوريين، تم تجنيدهم في ليبيا وأفغانستان والبوسنة والشيشان وبلدان أخرى عملت فيها المخابرات الأمريكية لسنوات عدة على تسليحهم وتدريبهم في تركية والأردن، بغرض تسريبهم الى سورية. من بينهم محاربون كثيرون من الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش)، تدربوا في قاعدة سرية بالأردن.

ورغم أن دمشق نفذت نزع الأسلحة الكيميائية، ورغم أدلة اخرى على أن "المتمردين" هم من استخدم الأسلحة الكيميائية في سورية، تواصل واشنطن تسليحهم وتدريبهم لإسقاط الحكومة السورية. إن بيان قمة مجموعة الـ7 في بروكسل رمزي، يعكس سياسة واشنطن.

ودون أن تقول كلمة واحدة بخصوص نزع الأسلحة الكيميائية السورية، أدانت مجموعة الـ7 "وحشية نظام الأسد، الذي أودى إلى صراع قتل فيه ازيد من 160 ألف شخص وخلف 9.3 ملايين في حاجة إلى مساعدات إنسانية". ورأت -واصفة الانتخابات الرئاسية يوم 3 جوان بأنها مزورة- أن "لا مستقبل للأسد في سورية". وأثنت في الوقت نفسه على "التزام الائتلاف الوطني والجيش السوري الحر باحترام القانون الدولي"، في حين "أسفت" لكون روسيا والصين قد منعتا، في مجلس الامن بالامم المتحدة، استصدار قرار دولي يطلب مثول القادة السوريين في المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي.

أهداف واشنطن واضحة إذن: اسقاط حكومة دمشق، التي تدعمها موسكو على وجه الخصوص، وفي الوقت نفسه مسح حكومة بغداد، التي ابتعدت عن الولايات المتحدة وتقربت من الصين وروسيا (ومن ضمن الوسائل: هجوم داعش، العاملة لحساب الاستراتيجية الأمريكية)، أو "بلقنة" العراق كأمر بديل، بتشجيع تقسيمه الى ثلاث اجزاء.

لهذه الغاية، ترسل واشنطن إلى العراق -اضافة الى طائرات بدون طيار مسلحة تقوم بعملياتها انطلاقا من الكويت- 300 مستشارا عسكريا مع مهمة لإنشاء "مركزيْ عمليات متصلة"، أحدهما في بغداد والآخر في كردستان. ولشن هذه العمليات وعمليات أخرى، تـُعرَّف رسميا بأنها "ضد الإرهاب"، طلب البيت الابيض من الكونغرس اموالا إضافية: 4 ملايير دولار من اجل البنتاغون (من اجل قواته الخاصة)، مليارا من اجل إدارة الدولة، 500 مليون لـ"مواقف غير متوقعة".. هي في الواقع متوقعة بسهولة.

ترجمة
خالدة مختار بوريجي
مصادر
مانيفستو (ايطاليا)

[1- ميناء كالابريا / جيويا تاورو (ريجيو كالابريا) هو أكبر ميناء على البحر المتوسط ​​لنقل الحمولات. (transhipment).