في باحة الجامع الأموي الذي لم يعد كبيرا مقارنة بالتضخم العمراني في دمشق، ربما يطبق علينا تاريخ غائب وسط حمى الهبات التراثية، تاريخ لا نستطيع توثيقه لأنه مجرد ومضات توحي بها الأحداث.

وسط الجامع الأموي يتم استحضار كل طقوس العبادة منذ قرر أول دمشقي استيطان هذه الجغرافية، وهو لم يكن يعرف أن صلاته الأولى ستتغير بتبدل الأزمان. ولم يكن يدري أي مصير ينتظر أبناءه، تماما كجهلنا بما سيحمله زمن "الفوضى" المنتظر والمغلف بـ"الترغيب والترهيب" على لسان الخارجية الأمريكية.

وإذا كنا قلقين فعلينا زيارة الجامع الأموي لأنه يستطيع تلخيص وقائع مدينة تغوص في عمق التاريخ. فالجامع الأموي ليس دليل الانفتاح الحضاري .. وهو ليس رمز التسامح .. إنه معلم التواصل والاستمرارية عبر أحقاب الأزمات.

عندما لا نستطيع قراءة الحدث السياسي بوضوح، فربما يقودنا الجامع الأموي إلى رؤية للغد .. وربما إذا انتقلنا أمتارا فقط فإن أعمدة جوبتير ترفعنا نحو محاولات خلق إبداع جديد، فالمسائل العالقة اليوم لا يحلها التاريخ وهذا شأن محسوم، لكن عمليات الاستمرار والقدرة على البقاء تدفعنا أحيانا لإيجاد رؤية .. أو حتى البحث عن فكرة وسط الضجيج السياسي ودعوات التطرف.

مستمرون .. بشرط أن ندرك روح الاستمرار .. وبشرط التخلي عن تحجر التراث .. وبشرط الإيمان بالمستقبل رغم كل دعوات الماضي.