من يعتقد أن التطرف يحمل بذاته سمة اللون الواحد يقع في الغلط المعرفي الذي يتركنا عرضة للإرهاب، فالتطرف هو قرارنا بترك الشأن العام لسهرات المساء، ومقارعة الكؤوس حتى الثمالة من الوضع الراهن.

فالتطرف هو اللون الذي اخترناه منذ قرارنا باستخدام سلاح النقد وكأننا خارج ساحة المعركة، أو ربما تم تكليفنا كلجنة محايدة للنظر في ثقافة البلد وسياستها، دون أن يكون التكليف دخولا إلى الشأن العام. والتطرف اختارنا لأننا قادرون على النظر بحياد إلى البنادق التي تغتالنا ونحن في معزل عن الشأن العام، أو حتى اعتبار الشأن العام شعارا سياسيا علينا استخدامه فقط عندما نقرر الدخول في قطار المعارضة.

أعداء قوس قزح لا يمكن تعدادهم أو وصفهم، لأن سمة العداء هي ثقافة اجتماعية نشأت على هامش الهجرة إلى خارج الحياة ... والاكتفاء بالمصير الذي نحبه لأنه يتيح لنا اعتبار اللون الواحد الذي نملكه هو سيف المعرفة الذي نشهره ضد الفساد ولكن ... خارج المعركة ضد الفساد، ووسط من نرى أنهم قادرون على شهر نفس السيف على موائد الليل العامرة.

ومرة أخرى فإن اللون الواحد يعني اختصار الحياة بالفعل السياسي، واختصار المجتمع بصداقات قادرة على الجلوس لساعات لوضع الآراء على صفحات الليل و ... كلام الليل يمحوه النهار. فهل الشأن العام هو السياسة أو الفعل السياسي؟!! وهل الهجرة إلى زوايا المجتمع حالة انفتاح أم تطرف؟!!

ما يقتل الدهشة اليوم ويجعل رتابة الأيام وكأنها قادمة من تاريخ ألف ليلة وليلة هو اعتماد أي فرد كوكيل للحق العام .. لكنه غير معني بهذا الحق لأن لديه ما يكفيه من الحقيقة التي يصفع الجميع بها في اللحظة التي يشعر أنه خارج السرب، او قادر على العربدة على موائد الليل.

ربما على "النشطاء" مهما كانت سمتهم تبديل مساحات نشاطهم .. لأن الشأن العام بدأ يتخذ صورة جديدة، وربما لونا واحدا يجب مقاومته.