نريد الاستقالة من القاموس التقليدي، ومن المصطلحات التي وسمت فترة النهوض المبتورة في منطقتنا .. فمن الذي أطلق تعابير "المراة نصف المجتمع" .. وكأنها طرف آخر يسعى للتكاتف مع النقيض .. أي ذكر.

إذا استقلنا من القاموس التراثي، وحاولنا نسيان الكثير من التعابير العالقة لمراحل ما بعد الاستقلال، فإننا سنعيد النظر بمفاهيمنا عن المرأة .. فهي ضمن مقاربة للحروف "مرآة" الثقافة التي نعيشها .. تصور طبيعة تفكيرنا بالأزمات التي تلاحق حياتنا السياسية والفكرية والاجتماعية. فعندما تسقط الحدود التمايز نكون انتهينا من مرحلة "التفوق البيولوجي" إلى شكل أرقى في العلاقات الاجتماعية.

صورة اضطهاد المرأة التي بقيت ملازمة لزمن محاولات التغير الاجتماعي منذ الاستقلال، هي لون عام لاعتبار الحق المطلق، ولرؤية الحرية منحة يقدمها الأقوى .. وفي القاموس التراثي لا يوجد حقوق طبيعية .. بل ممنوحة.

النساء اليوم هن الصورة التي ارتضاها المجتمع بعد أن اقتنع بأن الفردوس المفقود هو "الأنوثة الزائفة" .. واعتبار الفارق البيولوجي ميزة على الأنثى الاحتفاظ بها كي لا تدخل عالم الرجولة والاسترجال. والنساء اليوم هم مرآة الرجل في قبوله لعصر الحرية الرخيص .. عصر الرضي بالمقسوم على امل قدوم زمن سرمدي، يـ"منحه" حرية لا تزول.

مازالت صورة المجندات الإسرائيليات تقارع ترانيم الخنوع، ليس للنساء، بل لمجتمع بقي محكوما بفوارق القوة البيولوجية، وبحرية لا تستطيع اجتياز الجسد والأسرة و... وصور المجندات الإسرائيليات ليست مثالا .. بل تحد لمجتمع يغرق في "شاعرية الأنوثة" وينسى أن الحرية حق عام .. وأن الحرية ثقافة متكاملة يجب القبول بها دون انتقاء.

صور تفوقنا الأنثوي هي الدليل على عدم قدرة ثقافتنا على احتمال الانتقال نحو الغد .. لأن الغد لا يوجد فيه تفوق أنثوي ما دامت المرأة حالة طبيعية وليست موضع شك .. وإذا كان الغد السوري يسعى للحقوق غير المنقوصة، وللحريات المتكاملة فإن عليه البحث عن معنى التكامل، وعن عدم انفصال حرية الجسد عن الحريات السياسية .. فما بين أصغر تفصيل للحرية وأكثرها شمولا علاقة تكاملية .. وربما تفاعلية ..

"إباحية" .. ربما علينا عدم الاهتمام بمصطلحات تسعى للشتيمة، لأننا نريد التفكير بثقافة حرة، وليتصرف كل فرد بحريته دون أن يخرب الوطن.