يقول السفير السوري لدى الامم المتحدة ان الولايات المتحدة لا تستطيع التورط في حرب في سورية وهي متورطة في المستنقع العراقي، وهو ظن أرجو ألا يبني عليه السفير كل حساباته لأننا تعلمنا من الماضي خطأ هذه المقولة.

قالها العراقيون من قبل مستدلين بتورط واشنطن في معارك الارهاب في انحاء العالم، واستبعدوا الحرب في غياب قرار أممي، لكن واشنطن فعلتها. السفير مخطئ لان الحكومة الاميركية تظن عكس تفكيره، ترى ان هزيمة النظام السوري تعني لها احتمالين، أولهما انه يقضي او يضعف «اشقياء المنطقة» المرتبطين بدمشق وهم تحديدا حزب الله والجهاد وحماس والجبهة الشعبية والقاعدة والمسلحون البعثيون في العراق.

والاحتمال الثاني ان تكون على خطأ ولن يضيرها فهي تعتقد انها قادرة على التأقلم بدليل انها تتعاون اليوم، بعد اسقاط صدام، مع قوى معادية لها اساسا مثل حزب الدعوة والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، صديقي ايران.

قد يكون هذا التفكير مجنونا لكنه قطعا موجود وسهل التنفيذ بسبب تورط سورية مع لجنة دولية. يضاف اليه ان سورية ليست بلدا نفطيا، مثل عراق صدام، يمكن ان يحارب عشر سنين بالعقود النفطية والصداقات الخاصة. هذه الحقيقة المرعبة تتطلب اولا فهم خطورتها بلا اوهام. وثانيا الاستفادة من الازمة لعلاج الصراع مع اسرائيل مقابل سلام لا حرب بعده. فتكون ازمة ميليس مثل حرب اكتوبر بالنسبة للسادات مناورة اعادت القناة وسيناء.

من جانب سورية التي علقت في شبكة العنكبوت وتنتظر صدور احكاما قاسية ضدها تستطيع ان تدل الاطراف على ما تملكه خاصة في فلسطين ولبنان. فمشروع السلام، الذي بدأ بآمال عريضة منذ قدوم محمود عباس رئيسا وانسحاب اسرائيل من غزة، يواجه الفشل. الحل بمشاركة سورية بكبح جماح المعارضة المسلحة حتى لا تتبخر الفرصة وتبقى فلسطين مجرد شعار للاقتتال.

الاميركيون يعتقدون ان سورية مسؤولة عن معسكر الرفض الفلسطيني وهذا يعني انه لا بد من العودة الى مشروع السلام الشامل، واستكمال سلام سورية واسرائيل الذي بدأ في جنيف. الاستثناء هذه المرة ان دمشق امام صدمة تقتضي منها درجة عالية من الواقعية تماثل، او تتجاوز، البراغماتية التي اظهرها الرئيس الراحل حافظ الاسد يوم توصل مبدئيا الى صيغة سلام تعيد الجولان المحتل ثمنا لمعاهدة سلام نهائية. اسرائيل حينها رفضت اكمال الطريق بدعوى انها قلقة من مستقبل سورية بسبب مرض الاسد، ولن تقدم على سلام مع نظام آت مجهول. رحل الاسد الاب وبقيت مفاتيح لبنان في جيب السوريين ولا فكاك من حوار معهم بما يضع نهاية للنزاعات المركبة. فالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان جزئيا بسبب الموافقة السورية له، واستمرار حزب الله مسلحا رغم نهاية الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان ايضا يعود جزئيا الى سورية، وعناد المنظمات الفلسطينية يعود جزئيا الى سورية. ونضيف ان سورية متهمة بأزمة الامن في العراق.

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)