نشرت صحيفة "هآرتس" امس مقالا للبروفسور ايلي فوده رئيس قسم الدراسات الاسلامية والشرق الاوسطية في الجامعة العبرية ناقش فيه احتمالات التغيير داخل سوريا، ومما في المقال: "في المدة الاخيرة ازداد عدد السياسيين والخبراء المهتمين بمصير النظام السوري. وضاعف تقرير الامم المتحدة الذي اشار الى تورط سوري محتمل في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري الاصوات الغربية الداعية الى اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد. ولكن حكم الاسد في الوضع الراهن يؤمن مصلحة غربية.

لا يمكن الاعتراض على ان حكمه اقل استقرارا وشرعية وانجازات من حكم ابيه حافظ الاسد، ولكن بالنسبة الى الغرب يبدو حكم بشار بائدا وبات مهيأً للتغيير خصوصا بعد تفكك جبهة الرفض العربية وتبدل النظام في العراق والتغييرات التي طرأت على سياسة الحاكم الليبي معمر القذافي ومشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في التسوية السياسية. وفي غياب المعلومات الواضحة عن نتائج مثل هذا التغيير على المؤيدين لاستبدال النظام السوري درس الاخطار المتعلقة بهذا الاحتمال.

السؤال الاول من سيخلف بشار؟ المعلوم ان لا مرشح واضحا. فقد عين الاب والابن حولهما بضعة مستشارين وموظفين يدينون بالولاء للزعيم من دون اي طموح شخصي. ومع ذلك يمكننا التفكير ببعض المرشحين المحتملين حتى بالنسبة الى الاميركيين، من امثال رفعت الاسد (عم بشار) وماهر (شقيقه) وآصف شوكت (صهره) فهؤلاء سيضمنون استمرار حكم الاقلية العلوية واستمرار استقرار النظام، ولكن لا يمكن معرفة ما اذا كانوا سيثيرون ضدهم معارضة الجيش والمؤسسة السياسية اللتين قد تتورطان في انقلاب عسكري، وعند ذلك تعود سوريا الى الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وقد تجر المنطقة الى حرب مثلما حدث في ايار وحزيران 1967.

السؤال الثاني يتعلق باستمرار حكم الاقلية العلوية. منذ ستينات القرن الماضي وطدت هذه الطائفة سيطرتها. صحيح ان الاسد الاب حاول ان يعطي حكم الاقلية العلوية طابعا سوريا عاما، ولكن نظرا الى غياب المعطيات القادرة على معرفة مدى شرعية الاقلية العلوية في نظر الغالبية السنية، يصعب الاعتقاد بان حكم الاسد يتمتع بشرعية كبيرة. فمعارضة الحكم العلوي لا تنبع من الاختلافات الاثنية فحسب، وانما في صورة خاصة من الاختلافات الدينية. لذا يمكن توقع ان تنتظر التنظيمات الدينية، مثل "الاخوان المسلمين" الذين كانوا دائما ملاحقين من نظام البعث، الفرصة لضرب نظام الاسد وليس مستبعدا في هذه الحال ان تنجر سوريا الى حرب اهلية.

قد يشكل التدخل الاميركي جوابا لهذه المشكلات، لكن اضافة حلقة ضعيفة وغير مستقرة الى العراق ستحول المنطقة من هلال خصيب الى هلال مضطرب. وحتى لبنان عليه مواجهة اختبارات داخلية بعد الانسحاب السوري. لذا يبقى الافضل للولايات المتحدة ولاسرائيل الانتظار من بعيد، وبصبر، التطورات في سوريا، حيث تبرز ثلاثة سيناريوهات محتملة: تغيير بالقوة او بطريقة سلمية للنظام من الداخل... او استمرار حكم بشار الضعيف وغير المستقر... او تغيير سياسة الاسد حيال الغرب نتيجة الضغط الداخلي والخارجي".

مصادر
النهار (لبنان)