الاحتجاج على الجوع والبرد أمر مشروع. والتظاهر من أجل خفض سعر المازوت ايضا مشروع. والقضايا المطلبية واجب الدفاع عنها من أجل حمل المسؤولين على الالتفات الى وجع الناس، ولكن من غير المقبول ان تتدثر حرب النظام السوري بالقضايا المطلبية، وان تستجيب قوى لبنانية طبول الحرب التي يدق عليها الرئيس السوري بشار الاسد للحؤول دون كشف القتلة الارهابيين الذين اغتالوا رفيق الحريري، وسعيا الى نشر الفوضى والارهاب في لبنان عقابا على انتفاضة الاستقلال وإدمان الحرية والكرامة الوطنية في بلد الارز.

واذا كان النظام السوري الذي يتجه صوب مواجهة مع العالم بأسره، والعرب في المقدم عبر الساحة اللبنانية، يستخدم كل ما في حوزته من ألغام نشرها على مر السنين في الجسد اللبناني، فان القوى اللبنانية جميعا وعلى رأسها الثنائي الشيعي الوطني، مدعوة الى تجنب استدراج البلاد الى فخ التدمير المحقق في سبيل نجاة حفنة من الاشرار اتفقنا جميعا على نبذهم واعتبارهم أعداء لبنان ما ان يكشف التحقيق الدولي المستقل هوياتهم وأدوراهم. من هنا دعوتنا المتكررة الى "حزب الله" تحديدا الى التنبه لمحاولة دفعه نحو تناقض خطر مع شركائه في الوطن. فلبنان أولا وقبل أي نظام شقيق او صديق هو المعني بما يجري راهنا. والاجماع حول "حزب الله" هو في النتيجة اجماع لبناني يتعين حمايته وصونه. انها مسؤولية مشتركة طرفاها "حزب الله" وجمهوره من جهة، وبقية اللبنانيين من غير أي تمييز من جهة اخرى. انه التزام لبناني جامع لا يجوز أخذه الى فخ حروب النظام السوري الذي تعرف قيادة الحزب والحركة انها حروب العائلة والبطانة أكثر مما هي حروب في سبيل العرب والعروبة والقضايا القومية.

ان الموقف المؤيد للنظام السوري ينبغي ان يتوقف عند حدود لبنان والارادة اللبنانية التي لا يسع أحد ان يصادرها، لا الاكثرية النيابية التي تشكل مع "التيار الوطني الحر" المروحة اللبنانية المتنوعة الاوسع، ولا الثنائي الشيعي الوطني الذي يمثل شريحة أساسية لا لبنان ممكنا من دونها. من هنا قولنا ان القضايا المحقة كالمازوت لا يجوز ان تكون جسرا لعبور حروب النظام السوري الى لبنان، وخصوصا في ظل الشبهات الكبيرة والاقتناع اللبناني والعربي والدولي الراسخ بتورطه في الجريمة الارهابية الكبرى.

ان نشر الفوضى والارهاب بتعليمات تصدرها صحف النظام السوري قضية ينبغي الوقوف عندها مليا. وسوف يأتي يوم يحاسب فيه الشعب أطرافا لبنانيين من بقايا المافيا المخابراتية السورية – اللبنانية المشتركة كانوا ولا يزالون يخدمون سياسات الفوضى والارهاب، مشكلين أدوات للاغتيالات يبدو ان التحقيقات القضائية المتقدمة في أكثر من قضية قد اكتشفتها.

خلاصة القول ان لا عودة الى الوراء. لا عودة الى عصر المافيا المشتركة، ولا لتقديم خدمات لحروب النظام السوري في لبنان.

مصادر
النهار (لبنان)