على الرغم من عدم معرفتي بدقة تعريف صفة مثقف، ولكن المتداول هو مجموعة الناس الذين يشتغلون أو يهتمون بالمنتجات الثقافية، والمصيبة التي اتكلم عنها هنا هي شعور (وليس ادراك وليس استنتاج وليس تحليل وتركيب) المثقفين انهم قادرون على فعل اي شيء له علاقة بالقراءة والكتابة وكأنهم وكلاء كل شيىء ثقافي، فهم قادرون على انتاج المسلسلات والافلام والاغاني والموسيقا واصدار الصحف والمجلات واخراجها وتسويقها وكتابة الشعر والرواية وقصص الاطفال ، بل وأكثر من ذلك اي نقدها وتفكيكها واثبات عدم صلاحيتها، ومع انه في القياس المنطقي نحن مجر شغيلة ثقافة، الا اننا شوقنا للاقطاع يجعلنا نرنو الى مكانة ان نكون كل شيىء مهنيا وحرفيا واختصاصيا، ونتواطىء في هذا مع بعضنا ، ولنا في هذه الساحات معارك وانتصارات ( فاشوش طبعا ) وندافع بشدة عن انتاجاتنا حتى اذا لم تكن مخلصة لشروط انتاجها ، وذلك على اساس النوايا والمهارة التي تلقطها على الطاير.

اليوم في صحافتنا الخاصة والسؤال اصبح مكررا (الى أين).. نرى ما يسمى المثقف واحتل كل مفاصل صناعتها متأملا اصدار نصه الفكري الادبي البصري الاعلامي التكتيكي الاستراتيجي المعارض الموالي، ناسيا أن هناك من أهم منه في هذه الصنعة (وهنا الصحافة على سبيل المثال)، وهم أهل المهنة الاختصاصيون الذين ليس لديهم نص (ثقافي) وانما مهارات تجعل من المطبوعة ناجحة في الواقع، وليس في النيات، ولا في قياس النص على المطلق الادبي او الفني او الفكري ، فالصحافة (نكرر كمثال) تحتاج الى شغيلة ثقافة، ولكن حاجتها الكبرى الى محترفي الصحافة الذين يعملون في مطبخها ويعرفون توظيف (المثقف) في اعمدتها، والاهم يعرفون كيف ينتجوها ويوصلوها الى عيني القارىء مع انهم ليسوا (مثقفين).

وهذا المثال ينسحب على كل منجات الثقافة في مجتمعنا من سينما ومسرح وتلفزيون ودرامة، انها مسائل اختصاصية تعني "الدقة" بينما المثقف في حراكه المتوفر يعني "التقريبا"...