يُتفِّه التراثيون أي حوار كان، جاعلين الحقيقة في جيوبهم كحرز ثمين لا يخرجوه إلا كي يلقموا الآخر حجرا ويخرسوه طاعة واحتراما لعقائد ليست موضوعا للنقاش أي انها من خارج الموضوع أصلا، ليتم تقزيم موضوع الحوار بكلمات وجمل وأمثلة من خارجه تجعل من الحوار سقيما ومستحيلا على طريقة ما ناقشت جاهلا إلا وأفحمني.

في كل مرة يتم طرح مسألة العالمانية للحوار على الجميع ان يخرس عدا التراثيون.. لماذا ؟ لأن ستالين كان عالمانيا ومع هذا صنع كل هذا الظلم والاستبداد!! وكذا هتلر واليوم بوش وغدا أي وغد عالماني يتشدق بالعلم والديمقراطية، هكذا ببساطة يجرون النقاش إلى طبقات التراث ليغرق الطرف الآخر في الر عب أمثلة تاريخية لا تقدم ولا تؤخر ولكنها تضيع الوقت وتعمي العقل.

يريدون تبسيط الموضوع ليصبح على شكل حبة دواء يأخذها التراثي فيصبح قويا ومعاصرا ومشاركا في الحضارة الكونية بشرط ان لا يتغير شيء لا فيه ولا في العالم، أو بطريقة أخرى ان يأخذ التراثي هذه الحبة ويتغير العالم ليصبح مثله … لنكتشف دون أي نوع من الذكاء ان الحبة المطلوبة هي حبة للهلوسة، وعلى الطرف الآخر ان يقدمها له كي يكون سعيدا ومنتصرا في الحوار، على الرغم من انتصار العالمانية الساحق الماحق وان بصمت ودون هلوسة، انتصرت المطبعة على الرغم من اعتراض التراثيين عليها، انتصر التلفون والراديو وحتى أغاني الفيديو كليب وكل ما بينهما من إنجازات بشرية غير مسبوقة ولا مذكورة لا في كتب التراث ولا في هلوسات المطبلين لتراث لا يتفق عليه اثنان.

انتصرت العالمانية عبر منتجاتها لدرجة ان أي تراثي لا يستطيع الاستغناء عن هذه المنتجات بغض النظر افهم أم لا … ومع هذا فالعالمانية فحش وغلط وضياع، لأنه … لو …!!! تمسكنا بالنموذج التراثي لوصلنا إلى ابعد ما وصل إليه العالمانيون الجهلة، ولكانوا في غياهب الظلمة يسكنون، على هذه الـ لو يدور النقاش والحوار ( الحضاري )، فهي كمن يقول لك قس المسافة بين دمشق والصين بعود كبريت وعندما تنتهي قد أصدقك وقد لا، ومع هذا يعتبر ان هكذا طلب في منتهى الحضارية لأنه وببساطة لم يقتلك بعد، لأنه ومن حيث المبدأ ( أي العدالة) ان تكون صاغرا أحسن من ان تكون ميتا. في نفس منطق اقبل السيارة ولا اقبل القانون الوضعي، اقبل العمليات الجراحية ولا اقبل الكشف عن جنس المولود، اقبل التكنولوجيا المعلوماتية ولا اقبل بنتائج البحث عبرها، اقبل بكل ما أنتجه العقل ولا اقبل بالديموقراطية !!!!!

العالمانية كحزمة (بعجرها وبجرها) وبغض النظر عن أي تعريف لها هي بالنسبة لنا .... فرصة ..