بعد مرور هذه الفترة من التحضير لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، أي ما يمكن تعريفه بالانتقال من التخطيط إلى العمل والتنفيذ وهو ما يقسم الناس في الكرة الأرضية أولا وفي العالم العربي ثانيا وفي سورية ثالثا وفي الوسط الثقافي السوري رابعا، وهوتقسيم طبيعي وموضوعي وعادي وتحصيل حاصل ... إلخ، حيث يقسم الناس في هكذا مناسبات إلى فاعلين وهم القسم الأصغر ومتفرجين وهم القسم الأكبر والأهم ، وفي كل الأحول يحول هذا التقسيم الناس إلى مشاركين بغض النظر عن قسمتهم ... هذه هي طبيعة الأمور، وإلا أتينا بفرقة مسرحية وجعلناها تتفرج على الناس بدلا من أن تقدم عرضها.

والمشاركون المتفرجون هم جزء من الاحتفالية (إذا عنينا احتفالية دمشق عاصمة للثقافة) وربما هم الجزء الأهم لسببين الأول أن الاحتفالية (كونها) ثقافية فهي سوف تقدم إليهم منتجها الثقافي أي أنهم المستفيدون من نتاج الجهد، ثانيا هم معنيون لأن المسألة هنا جمعية ـ معنيون ـ بالدعم ولا يصح القول بعدم الجودة سببا في عدم الدعم ولا استباق نتائج الفعل نظرا للأحجام إلا من موقع محدد مشتهى .

ربما كانت المقدمة طويلة قليلا ، ولكن الأصوات التي تعلوا بين الفينة والأخرى والتي ترمي الزجاج بأحجارها تستفز المتابع ، فالاحتفالية بغض النظر عن مشاركة فرد بعينه أو مشروع بعينه هي احتفاليتنا جميعا ومجرد تمني الفشل أو انتظار الشماتة هو إهدار من رصيدنا الثقافي الجمعي ، أي إذا فشلت الاحتفالية فنحن فاشلون أفرادا ومشاريع وجماعات ولا تفيد معها قضايا الغريد خارج السرب المكرورة والممضة فالعمل الثقافي الحداثي هو عمل جمعي إن كان في التأسيس أو النتائج ، فأكبر كاتب أو مسرحي يقاس اليوم بعدد القراء أو المشاهدين ( هذا من ناحية النتائج على الأقل ) أي أن إفلاس الجمعي هو افلاس للفردي حتى لو كان عبقري زمانه ويعرف أن يغني خارج السرب وخارج الحمام أيضا .

طبعا ليس مطلوبا من الأصوات أن تسكت لكي يروق أعضاء قيادة الاحتفالية كي يستطيعوا أن يفكروا وينتجوا ، بل المطلوب تماما الاستمرار في النقد والانتقاد وهما مجالان موضوعيان إما أن يتحول الأمر إلى فقرة من التهويم الشخصي فهذا ظلم لإمكانيات الناس الذين هم مثلنا تماما ولديهم ما يقولوه .
إن هكذا تظهرات تحتاج إلى قدرة تنظيمية ووضوح في الرؤية والرؤيا وهي تتمنى بغض النظر عن قدراتها أن تصل إلى نتائج ( برفكت ) ولكنها ومن المؤكد أنها لا تستطيع احتواء كل الناس إلا إذا كانت لا تمتلك القدرة التنظيمية ولا الرؤية ولا الرؤيا .