رأيين متعاكسين يطلقهما اسمين (اساسيين) في ( المسرح ) السوري هما الاستاذين فايز قزق وعجاج الحفيري. الاول يقول لقد مات المسرح (السوري) والثاني يطمئننا ان المسرح يزدهر وهو في حالة ولادة حقيقية الآن. فمن نصدق او الى ماذا نرتكن؟ هل هناك مسرح أم لا؟ من نسأل ؟ الاداريون ؟ أم الفنانون ؟ ام الاداريون الفنانون ؟ اساسا لماذا يجب ان يكون هناك مسرح ؟

أعتقد أن الرأيين غير صائبين على الاقل اذا لم نقل مخطئين ،فهذا التعاكس الالغائي بين رأيين لأستاذين مسرحين مضطلعين على امور المسرح ومهموين بها لا يجعل العقل مرتاحا الى هكذا تشخيصات ، حيث ينقل هذا النوع من الخلاصات الاستاذين ( برمتهما ) الى حقل عامي او عمومي ذي علاقة غير اختصاصية مع المسرح ، حيث يعبران عن تشاؤم او تفاؤل عادي قابل للأنعكاس في اي لحظة من اللحظات (حسب الرزق تحديدا) انطلاقا من ان المسرح هو شغل الاختصاصيين وحدهم وهم يستطيعون تقييمه في اية لحظة دون ان يكونوا مسؤولين عن اي فشل ، لذلك ممكن ان يموت المسرح او يكون في حالة حراك كبرى في نفس الوقت ما دام الموضوع موضوع آراء .

المشكلة الكبرى في المسرح السوري انه بلا جمهور وهي مسألة لا يتسبب بها الفنانون او اساتذة المسرح لوحدهم ، فمجمل حياتنا وتطوراتها لم تشجع على جعل المسرح سلعة ضرورية للمواطن ، أو بطريقة أخرى لم يستطع المجتمع انتاج مسرحه بغض النظر عن كم الاختصاصيين الموجودين والذين يشكلون احدى حلقات وجود مسرح ما قابل للأستهلاك في المجتمع .
من طرف ثان يبدو تصريح الاستاذين لم يخرج عن تصريحات الكثير من الاساتذة عما يمكن تسميته ( ازمة ) المسرح السوري ، فاعادة التأسيس هي لا زمة لكل استاذ عمل في المسرح السوري ، فكل استاذ يرى ولو مواربة او استنتاجا انه وراء الولادة الجديدة الحقيقية للمسرح السوري عبر عمل او اعمال قدمها او منصب اداري شغله ولكن المشكلة كانت ودوما هي في استمرار المسرح وليس في استمرار الولادة ، اي ان يعيش المسرح بين ظهرانينيا ككائن طبيعي .

ربما ( هاليومين ) نرى مجموعة من الشباب يقدمون مسرحيات هنا وهناك وهو جهد يحسب لهم ويستحقون التشجيع ( وليس الاشادة ) عبر الذهاب الى مسرحهم الوليد وتكريس هذه العادة ، اي ان نحاول كجمهور ان نجعل من المسرح احدى عاداتنا الاستهلاكية عبر نشر قناعة ان المسرح يقدم شيئا ضروريا لمصالح الناس ان كان على مستوى العيش او على مستوى الاعمال.
اليوم المسألة هي مسألة استمرار المسرح وتعميمه على ارجاء المجتمع ، حتى لو اراد اي كان تبني ولادته الجديدة . المهم ان يبقى المسرح لأنه احدى علامات وجودنا في الزمن، وموته يعني مواتنا بطريقة أو اخرى ( طبعا ليس وحده وانما كل انواع الفنون والابداعات).

ولادة المسرح او موته ليس هو كل الموضوع ، الموضوع هو هل يستطيع مجتمعنا انتاج مستلزمات الحياة في القرن الواحد والعشرين.