على عكس الصخب الخاص بانتخابات مجلس الشعب، فإن حملة "الإدارة المحلية" كانت اكثر من غائبة، رغم أنها مرتبطة أكثر، أو ربما أكثر وضوحا بمصالح المواطن، والمفارقة أن "الصورة" الانتخابية لم تتبدل، فانتخابات الإدارة المحلية كانت نموذجا مصغرا عما حدث خلال "مجلس الشعب"، حتى أن الأسماء في بعض الأحيان بقيت كما هي، فمن فقد فرصة الوصول إلى المجلس التشريعي يحاول أن يجرب "حظه" في مجالس المحافظات.

ورغم أن التشريعات الخاصة بالإدارة المحلية حظيت بنقاش "اختصاصي" على مستوى UNDP، وكان من المتوقع أن يصدر تشريع جديد بهذا الخصوص، لكن واقع الانتخابات نفسها ينقل صورة أخرى، أو يعبر عن طبيعة "ثقافية" إن صح التعبير، فهناك:

 الاهتمام الأكبر الذي أولته الصحافة وحتى المواطن العادي لانتخابات مجلس الشعب يوضح أن هناك فهم آخر لمسألة "المصلحة"، فصحيح أن "المجلس التشريعي" لديه مهام أعقد من "مجالس المحافظات"، لكنها في النهاية مرتبطة بمسائل ربما لا يلمسها المواطن بشكل آني أو يومي، بينما مجالس المحافظات لها علاقة مباشرة بتفاصيل حياته، وبشكل حياته وربما بالمعاملات والأوراق الرسمية التي يضطر للذهاب إلى المختار من أجلها. فهي أكثر وضوحا بالنسبة له، وحتى المرشحون أكثر قربا منه لأنه ربما يعرؤفون بحكم "الجيرة". إلا أن هذه التفاصيل ليست كافية على ما يبدو حتى يظهر حماس المواطن والإعلام أو المهتمين بالشأن العام بهذا الخصوص. وفي موقع سورية الغد على سبيل المثال لم نتلق سوى أربع مقالات حول هذا الموضوع، فيما يصعب علينا إحصاء عدد الدراسات والمقالات التي أرسلت إلينا خلال انتخابات مجلس الشعب.

 طريقة إدارة الحملة الانتخابية لم تتبدل عما حدث في "الانتخابات التشريعية"، مما يوحي ان الإعلام الذي فكك وبشكل جريء الانتخابات الماضية ربما لا يملك الكثير من التأثير لا على الرأي العام، ولا حتى على المشحين الذين فضلوا استخدام طريقة الصور التقليدية، أو حتى اعتماد "النجاح تحصيل حاصل" لا هلاقة له بمخاطبة مصلحة المواطن والمجتمع.

بالطبع فإن الانتخابات في النهاية تطرح إشكالية "الثقافة الاجتماعية" بالدرجة الأولى، قبل أن تعبر عن واقع سياسي خاص، وهو ما توحي به وقائع انتخابات "مجالس المحافظات" التي من المفترض أن تتربط أكثر بمفهوم المصلحة المباشرة، لكنها في النهاية ارنتسمت وبشكل كامل على سياق أي انتخابات موحية أن مسألة الممارسة الديمقراطية هي أكثر من "إشكالية" سياسية، فهي أولا وأخيرا هم ثقافي للمجتمع ككل.