لاأدري اذا كان واضعوا مسودة قانون الأحوال الشخصية ، قد انتبهوا ، الى أننا نعيش في ابنية بيتونية طابقية ذات منافع جمعية مشتركة تنتمي الى عصر الاسمنت حيث علينا مراعاة قوانين ناجمة على هذا النوع من السكنى وما عليها من حقوق وواجبات تتعلق بالعلم الحديث والهنسة المدنية وميكانيك التربة والخ من العلوم ، أو لى اننا نمشي على طرقات معبدة تصل الى مقاصد مخططة مسبقا ومعدة يناء على قواعد علمية موجودة ..نمشي نحن وسيارات فيها أناس يقصدون أمكنة قد يصل بعدها الى مئات الأمتار أو ألاف الأميال مضطرين أثناء استعمالها على الخضوع لأستنتاجات علمية تخضع اليها القوانين فقانون السير والمرور هو رهنة السيارة وسرعتها وتسارعها ووسائل أمانها ومقدرتها على الانعطاف والتوقف ، وكذا قوانين الطيران وسلامته وتعاقداته كلها تخضع للعقل البشري ومنتجاته ، كما لا ندري هل انتبه واضعوا المسودة الى المصاعد ، وماكينات صرف النقود ،وأستخدام النقل العام أو الى الاتصال اللحظي ( بديل الحمام الزاجل ، أو الطارش المسافر في الفيافي الخ ) أو أن مرضى السرطان هم من الني آدمين المتساوية حظوظهم معه ، أو أن ألـ دي أن أيه هو شيفرة موحدة اللغة تصل السف بالخلف ويمكن قراأتها وتحديد النسب بكل وضوح بلا ما لا يقبل الشك أو المراجعة أو المقارنة ..فعلا لا أدري اذا انتبهوا الى ذلك ، وكم هو من الحقيقة القانونية والحقوقية الخضوع للأنظمة الناتجة عن وجودها وغيرها ، حيث لا مرجعية تاريخية خصوصية تنظم لنا استخدام المصعد ( مثلا وللتسهيل ) ، أو استخدام المنازل البيتونية بطرق سليمة تحافظ على البناء أولا ومصالح ساكنيه الذين يتساوون في المصير كركاب باخرة أو طائرة ، كا لا ادري اذا انتبهوا الى أن كل أختراع وافقت البشرية على استخدامه ( ونحن منها أي من البشرية ) يستتبع حضور قوانين من لدن هذه الأختراعات ( النقود والبنوك والاستثمارات والقروض الخ وأيضا مثلا وللتبسيط ) وعلينا ( ومجبرين ) الخضوع لها من باب الفائدة الانسانية وليس من باب التميز بأن لدينا غيرها يمكن أن تحل محلها لمجرد أنها من عندنا ( لآ أحد يستطيع الجزم بصل أي شيىء جزما نهائيا ) ، بل لأنها ناتجة عن استخدام الأختراع الذي قد يكون لا سبق لنا به ( السيارة وقانون السير أبسط الامثلة ) ومع الأختراعات الجديدة أو تطور القديمة تنطرح قوانين جديدة وتتطور قوانين ( قديمة ) تبعا لحاجات الانسان واستخداماته للمتطور من الاختراعات ، مما يجعل القوانين ذات مرجعية ذاتية يستطيع المرء أن يلمس الفائدة منها أو ضرورتها مع المبررات المنطقية من داخلها بحيث لا يرتبك أو ( يلوص ) بالاحالة الى تفاسير أو أسبقيات غير ذات صلة الا بالحد الادنى من التشابه الصوري الافتراضي .

واليوم ماذا يستطيع أن يقدم لنا قانون أحوال مدنية مزمع اعلانه في ايضاح الملتبس من الحقوق بناء على وجودنا في عالم حديث ومعاصر نستخدم ادواته ونعتاش على منتجاته التي تساهم في تربيتنا وصنعنا ... أنه يقدم لنا دوامة من المرجعيات المتناقضة ، أي انها تتميز بعدم الوضوح لعدم وجود الرائز و المثل المطابق المتعارف عليه في حياتنا الحالية والمستقبلية ، أي اننا بحاجة الى الماضي الذي لا يستطيع أحد الجزم بسلامة تفاسيره أو عدم تناقضها بين جيل وجيل وبين مكان وآخر ، بحيث وبدلا أن يكون القانون هو الكلام الفصل أو آخر الكلام في قضية معينة ، ليتحول ليصبح أو الكلام أو الكلام التمهيدي في نفس القضية على طريقة اذا كان فلان قد قال أو حكم بكذا فأن فلانا قد فسر وحكم بكذا مختلف وهلم جرا ، لأنه وبهذا نكون قد افترقنا عن مسألتين مؤسستين وضروريتين للتفكير بأي قانون الأولى هي العقلانية واستخدام العقل هنا هو تحصيل حاصل في مواجهة أية حالة حيث يستطيع هذا العقل الرد على أي نقض ، أما المسألة الثانية فهي بتجاهل منتجات العصر وتأثيرها على الانسان أينما حل .

في المقام الأخير فان اي قانون يأتي من وفي سياق تسهيل الحياة البشرية بناء على رؤية المعيقات وتقديرها ، فذا كان النسل الكثير أو القليل ( وعلى سبيل المثال ) يشكل خطورة على حاضر الامة ومصيرها فأن قوننة تنظيمه ( منعا أو تشجيعا ) هي واجب واضعي الانظمة والقوانين ، أما اذا كان السعي لأيجاد قوانين وظيفتها الأساسية والكبرى هي اخضاع الناس لها فقط ... دون رؤية المعيقات والظروف والسعي لتذليلها ... فهذا ولله حول أخطر من عمى !!.